صلاة الجمعة
الجلسة 36- بتاريخ 28 جمادی الاول 1447
خلاصات الملاحظات
إدامة الحوار النّاريّ مع تدقیقات الشّیخ مرتضی الحائريّ
بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِیم
الحمدللّه ربّ العالمین وصلّی اللّه علی محمّد و آله الطّاهرین
إدامة الحوار النّاريّ مع تدقیقات الشّیخ مرتضی الحائريّ
لقد أجلی الشّیخ الحائريّ إجابتَه علی الاستدلالیّة الخامسة -حول لزوم المنصوب- قائلاً:
«و أمّا الخامس ففيه: أنّ الحكم بأنّه «ليس عليه شيء» كما في الصّحيح المتقدّم[1] ليس -بحسب الظّاهر- إلّا التّصريح بالمفهوم المستفاد من الصّدر (أي لا یجب السّعي علی بعُد عن الفرسخین) و لا ريب أنّ مفهوم «وجوب السّعي إلى الجمعة المنعقدة إن كان المكلّف على رأس فرسخين» ليس إلّا عدمَ وجوب السّعي، لا عدم وجوب صلاة عليه في ظهر ذلك اليوم، فلا ينافي أن يكون الواجب عليه عقدَ الجمعة و قلبَ الفرض (إلی الظّهر) الّذي هو البعد عن الجمعة بأزيد من الفرسخين، إن تمكّن من ذلك بأن يفحص عن المنصوب المجاز، و يجيء به إلى محلّه على القول باشتراطه بذلك (المنصوب) أو يفحص عن الخطيب العادل حتّى يقيم الجمعة، و إن لم يتمكّن كان عليه الإتيان بأربع ركعات.»[2]
و لکنّ الشّیخ الحائريّ قد تورَّط في التّجشّم حیث قد تکلَّف کثیراً لتفسیر الرّوایة بهذا الأسلوب، بینما ظاهرها النّاجم أنّ الّذي یَسکُن ضمنَ الفرسخین ستَتوجّب مشارکتُه لتأدیتها و لکنّ الّذي قد اجتاز الفرسخین فلیس علیه شیئ وفقَ تنصیص الرّوایة، فبالتّالي لم تَستوجب الرّوایة لا السّعي و لا إعقادها إطلاقاً بل قد سهَّلت التّکلیف علی النّائین، إذن قد ارتکَزت الرّوایة علی داخل الفرسخین و خارجهما فحسب بلا رؤیة للشّروط الأخَر، فکیف استَظهر الشّیخ الحائريّ وجوب الفحص عن المنصوب بینما یعدّ المرءُ نائیاً عن الفرسخین؟
و النّکتة الطّریفة أنّ الرّوایة ستُقیّد إطلاق آیة الجمعة أیضاً بحیث ستُنتج العبارة التّالیة: «فاسعَوا إلی ذکر الله -صلاة الجمعة- لو تواجدتُم ضمن الفرسخین».
و لکنّ الشّیخ الحائريّ قد أصرَّ علی معتقَده و استظهاره قائلاً: [3]
«و التّحقيق في الجواب أن يقال: إنّ المقصود من قوله عليه السّلام «فليس عليه شيء» في الصّحيح المتقدّم ليس إلّا عدمَ وجوب السّعي، لا الأعمّ منه و من العقد (فربما یَتوجّب إعقادها) لعدم استفادة غير ذلك منه إثباتاً، و عدم تصوّر الاشتراط الثّبوتيّ إلّا بالنّسبة إلى السّعي دون العقد (حیث لم تُلغِ وجوبَه).
1. أمّا الأوّل (السّعي): فلأنّ الظّاهر أنّه المفهومُ لما قبله (أي الصّدر) و ما قبله ليس إلّا وجوبَ السّعي (فلا یُنافي وجوب إعقادها تعییناً).
Ø إن قلت: مقتضى الجمود على الظّاهر هو وجوب الجمعة (بذاتها لا السّعي إلیها) قلتُ: لا يُعتنى بذلك (الظّاهر) بعد اشتراكه (الوجوب) بين الفرسخ و الفرسخين، و بعد أنّ المناسبة في المسافة هو وجوبُ السّعي لا وجوب العقد، إذ لا تناسبَ بين المسافة و وجوب العقد، هذا مضافاً إلى قيام الضّرورة بوجوب شيء (و عمل) عليه، و لو كان الظّهرَ أربعَ ركعات، فليس (الحدیث) في مقام الإطلاق (سعیاً و عقداً) حتّى يخصَّص، بل المقصود به هو الشّيء المناسب و هو عدم وجوب السّعي (فحسب فوجوب العقد سلیم و نشیط).
2. و أمّا الثّاني (العقد): فلأنّ مقتضى اشتراط العقد بوجود المسافة ثبوتاً إمّا المحالَ و إمّا عدمَ الانعقاد، فإنّه:
Ø إن كان مشترطاً انعقادُها بعقد الجمعة في المسافة و لو كانت جمعةَ نفسه، لزم المحال لاشتراط وجوب الشّيء بوجوده، و مع فرض وجوده (جمعة نفسه) لا معنى للإيجاب و البعث (لأنّه تحصیل للحاصل).
Ø و إن كان (إعقادها) مشروطاً بعقد جمعة أخرى، فلا يصحّ، أو لا يجب على الإمام الجمعة، إلّا بعد عقد الجمعة في المسافة المعيّنة و هو واضح الفساد.
و الّذي يوضّح عدمَ الدّلالة (لنفي الإعقاد بل تَتمحور حول السّعي) -مضافاً إلى ما تقدّم- أنّ الشّرطيّة المذكورة (المسافة الفرسخیّة) ليست بالنّسبة إلى خصوص زمان قبض يد الأمير العادل عليه السّلام، بل هو من شرائط أصل الجمعة، و حينئذ لا يمكن أن يكون المقصود من اشتراط أنّ الجمعة تجب أو تصحّ إذا انعقَدت في طَيّ المسافة المذكورة، فإنّه لا يقتضي العقد (إذن لا یَضرب هذا الاشتراط لزومَ إعقادها) فإذا لم ينعقد فلا يكون المكلّف داخلا في المسافة، بل و إن قيل بوجوب العقد في الجملة بالضّرورة من الخارج، فمقتضى ذلك كفاية عقد جمعة واحدة في الأرض، إذ لا يجب أو لا يصحّ لمن كان منزله على أزيد من فرسخين، و هذا باطل بالضّرورة، فلا بدّ إمّا أن يكون المقصود هو الحكم الحيثيّ، أي من حيث السّعي إليه تعييناً أو تخييراً بينه و بين العقد، كما أنّ التّخيير أيضاً ملحوظ فيما زاد عن الفرسخ، فإنّه يجب عليه الجمعة عقداً أو سعياً، فإذا كان فيما زاد عن المسافة لا يكون التّخيير المذكور.»
و لکن سنُعلّق علیه بأنّ الرّوایة قد تَمحوَرت علی أصل وجوب الجمعة، و یُؤیّدنا تسائل المتسائل عن وجوبها -بکلّ وضوح- فالإمام قد رَهَن وجوبها علی المسافة الفرسخیّة فلو تعدّاها لانمَحی وجوبها، بلا نظرة فیها بعملیّة السّعي أو العقد أو الأعمّ منهما کي نَستنبطَ إطلاقها -زعماً منه- بل و لم تتحدّث حول رکنیّة المنصوب أو غیره أبداً.
---------------------------
[1] المتقدّم في ص ٧٩.
[2] حائری، مرتضی. ، صلاة الجمعة (حائری)، صفحه: ۹۹ جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي
[3] حائری مرتضی. صلاة الجمعة (حائری). ص100 قم - ایران: جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي.
ساعد على توسيع الكلمات المفتاحية للدروس
خلاصات الملاحظات
إدامة الحوار النّاريّ مع تدقیقات الشّیخ مرتضی الحائريّ
رأيك