صلاة الجمعة
الجلسة 35- بتاريخ 27 جمادی الاول 1447
خلاصات الملاحظات
التّبیان و التّحریر لثالث وجوه التّقریر
بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِیم
الحمدللّه ربّ العالمین وصلّی اللّه علی محمّد و آله الطّاهرین
التّبیان و التّحریر لثالث وجوه التّقریر
ثمّ فحَّص الشّیخ مرتضی الحائريّ التّقریر الثّالث للرّوایة قائلاً:
1. «و منها (التّقاریر): أنّ عدم تنبيه الشّارع المقدّس على عقد الجمعة في منازلهم -و الحكمَ بوجوب السّعي من دون الإشارة إلى سهولة عقد الجمعة في منازلهم- (سیُحرِج النّاس ولهذا) لا يناسب الشّريعة السّهلة السّمحة إلّا مع عدم المصلحة في ذلك (منازلهم) و كون المصلحة الإلزاميّة متقوّمة بوجوب السّعي إلى الجمعة المنعقدة (لوجود المنصوب) الّتي لا فرق بينها و بين ما يُعقد في منازلهم على تقدير التّنبيه على ذلك (بمنازلهم) إلّا عدم وجود المنصوب فيه (المنزل) دون الأولى. [1]
و أمّا التّقريب الثّالث: ففيه أنّه مشترك الورود (بالمنازل أو لدی المنصوب) فإنّه ربما يرِد ذلك و لو على فرض الاشتراط بالنّصب (و الحاکم) إذ مقتضى تسهيل الأمر على العباد نصب من يصلَح لذلك (الجمعة) في كلّ مجتمع (حتّی لدی منازلهم) إلّا إذا كان الفصل أقلَّ من فرسخ واحد، فكلّما يُفرض أن يكون جواباً لذلك من عدم الرّجل الصّالح لذلك (الجمعة) أو كون الصّلاح في الاجتماع في الأمصار (دون منازلهم) يكون جواباً لمن لا يَشترط النّصب (فلو لم ینصب الإمام أحداً و لم یَبعث المکلّف إلی جمُعة المنصوب فهذا سیُضادّ السّمحة) هذا بالنّسبة إلى عصر المعصوم، و أمّا بالنسبة إلى عصر خلفاء الجور، فيكفي في ذلك (عدم النّصب) الخوف الشّديد من الانعقاد في المسافة القريبة بمحلّ جمعة الخليفة أو المنصوب من قبله (فلو انعقدت لدی منازل المکلّفین أو المنصوبین أو الخلفاء لتَوجَّبت تعیینیّاً) كما هو واضح.»[2]
فبالنّهایة قد قرّر هذه التّقاریر الثّلاث وجوبَها بأن یَنطلِق السّاکنون ضمن الفرسخین إلی جمعة المنصوب.
و لکنّه استظهار مشوب بالإشکال فإنّ الرّوایة لم تتحدّث أساساً حولَ شرطیّة الحاکم و منصوبه و لم تُرکِّز علی مُقیمها -هل هو المنصوب أم غیره- بل قد استَوجبت السّعي إلی الجمعة مولویّاً أو إرشادیّاً أو استَحبّته مؤکَّداً لحکمة: استجماع المسلمین و إجلاءً لمکانتها الشّامخة بحیث حتّی لو تَوفّرت کافّة الشّروط لدی منطقة المکلّف النّائیة لَما ساغ أن یُصلّیها هناک إذ تَتقوّم الجمعة بالفرسخَین الرُّکنین -فضلاً عن شرطیّة المنصوب أیضاً- بحدّ قد ألغت الوجوب عن متجاوزهما فحتّی لو استَتمّت بقیّة الشّرائط لدی منطقته لَما تَشرّعت إقامتُها هناک، فبالتّالي إنّ الرّوایة تَهدِف أن «تَحشُر النّاس في مسافة محدَّدة مع المنصوب» فحسب -مضادّاً للتّقاریر الثّلاث تماماً- فلم تَلحظ أبداً: علی مَن تَتوجّب الجمعة و ما هي شرائطها، و روح إجابتنا تَئول إلی مقالة المحقّق الهمدانيّ مسبَقاً.[3]
ثمّ استَعرض الشّیخ الحائريّ الدّلیل الخامس علی وجوبها التّعیینيّ المنوط بتوفّر المنصوب ضمن الفرسخین، قائلاً:
«الخامس: ما دلّ على عدم لزوم الجمعة على من يكون فيما زاد على فرسخين، كذيل الصّحيح المتقدّم آنفاً، فإنّه لو لم يكن وجوبها أو صحّتها مشروطاً بالإمام أو المنصوب من قبله لكان الواجب عليه عقدَ الجمعة و تحصيل شرائطها.»
و لکنّا قد أسلفنا للتَّوّ بأنّ الرّوایة لیست في ساحة تشریح شرط الصّحّة أو سائر الشّروط بل حدَّدت الوجوب علی القُرباء و أبادَته عن البُعداء فلم تَتمرکز علی إناطة الجمعة بالمنصوب أو عدمه أساساً.
و أمّا الشّیخ الحائريّ فقد أجلی إجابةً أخری قائلاً:
«و أمّا الخامس ففيه: أنّ الحكم بأنّه «ليس عليه شيء» كما في الصّحيح المتقدّم[4] ليس -بحسب الظّاهر- إلّا التّصريح بالمفهوم المستفاد من الصّدر (أي لا یجب السّعي علی بعُد عن الفرسخین) و لا ريب أنّ مفهوم «وجوب السّعي إلى الجمعة المنعقدة إن كان المكلّف على رأس فرسخين» ليس إلّا عدمَ وجوب السّعي، لا عدم وجوب صلاة عليه في ظهر ذلك اليوم، فلا ينافي أن يكون الواجب عليه عقدَ الجمعة و قلبَ الفرض (إلی الظّهر) الّذي هو البعد عن الجمعة بأزيد من الفرسخين، إن تمكّن من ذلك - بأن يفحص عن المنصوب المجاز، و يجيء به إلى محلّه على القول باشتراطه بذلك، أو يفحص عن الخطيب العادل حتّى يقيم الجمعة، و إن لم يتمكّن، كان عليه الإتيان بأربع ركعات.»[5]
-------------------------
[1] حائری، مرتضی. ، صلاة الجمعة (حائری)، صفحه: ۷۹ جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي
[2] نفس الیَنبوع ص98.
[3] مصباح الفقيه ج ٢ ص ٤٣٧ في صلاة الجمعة.
[4] المتقدّم في ص ٧٩.
[5] حائری، مرتضی. ، صلاة الجمعة (حائری)، صفحه: ۹۹ جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي
ساعد على توسيع الكلمات المفتاحية للدروس
خلاصات الملاحظات
التّبیان و التّحریر لثالث وجوه التّقریر
رأيك