pic
pic

صلاة الجمعة

الجلسة 34
  • بتاريخ 26 جمادی الاول 1447
خلاصات الملاحظات

نقاش ساري مع بیانات الشّیخ مرتضی الحائريّ


بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِیم
الحمدللّه ربّ العالمین وصلّی اللّه علی محمّد و آله الطّاهرین

نقاش ساري مع بیانات الشّیخ مرتضی الحائريّ

لقد توصَّل الشّیخ الحائريّ إلی رابع دلائل وجوبها التّعیینيّ قائلاً:

«الرّابع: ما دلّ‌ من المستفيضة الآتية إن شاء اللّه تعالى: من وجوب السّعي على مَن كان على رأس فرسخين كصحيح محمّد بن مسلم، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجمعة فقال: تجب على كلّ‌ مَن كان منها على رأس فرسخين، فإن زاد على ذلك فليس عليه شيء»[1].

و يمكن تقريب الاستدلال بذلك (وجوبها التّعیینيّ) من وجوه:

1. منها: أنّ‌ ظاهر مثل الدّليل المذكور (أي تجب) هو وجوب السّعي على مَن كان على رأس فرسخين فما دونه، على «نحو التّعيين» لا على نحو التّخيير بينه و بين عقد الجمعة في منزله (حیث لم یذکر «أو») و الوجوب التّعيينيّ‌ لا يتِمّ‌ إلّا على فرض عدم جواز العِدل الآخر و هو عقد الجمعة في منزله (فلا یَسوغ في منزله) و ذلك يدلّ‌ على الاشتراط (الجمعة بتوفّر المعصوم أو منصوبه) إذ لولا الاشتراط بكون مقيم الجمعة إماماً أو منصوباً من قِبله لم يكن وجه للوجوب التّعيينيّ‌، بأن يكون تكليفه منحصراً بالسّعي إلى الجمعة (مع المنصوب) الّتي تنعقد في المحلّ‌ الّذي يكون بينه و بينها فرسخان.

ثمّ استَشکله الشّیخ الحائريّ لیُسجِّل وجوبها حتّی لدی منطقة المکلَّف قائلاً:

«و أمّا الرّابع فأمّا التّقريب الأوّل، ففيه: أنّ‌ التّعيّن (وجوباً) إنّما هو في فرض البُعد عن الجمعة بفرسخين، فالتّعيّن إنّما هو في فرض عدم عقد الجمعة في تلك المسافة (لدی منطقته) و التّعيّن في الفرض المذكور لا ينافي التّخيير (العقليّ بین منزله أو لدی انعقادها) لأنّ‌ مرجعه إلى تعيّن أحد طرفي التّخيير عند فرض عدم الطّرف الآخر (أي عدم انعقادها لدی منطقته) فإنّه لو فُرض عقد جمعتين صحيحتين في المسافة المعيّنة كان الواجب هو السّعيَ إلى إحداهما لأنّ‌ التّكليف المعيّن تعلّق بالسّعي إلى الجمعة الصّحيحة (ضمن الفرسخین) بنحو الطّبيعة الكلّيّة، فقد يكون مصداقها واحداً فتُعيَّن قهراً، و قد يكون متعدّداً فتُخيّر في المصداق (أي بقُرب المکلّف) -و إن كان التعيّن بالنّسبة إلى أصل الطّبيعة محفوظاً- و لا فرق في التّقريب المذكور (بأنّ الوجوب هو طبیعيُّها بحیث سیتخیّر أیضاً لمصادیق أخَر کمشارکته لدی منطقته) سؤالاً و جواباً بين الاشتراط بالمعصوم أو المنصوب، أو عدمه (فلم تُحدِّد الرّوایة أحداً للإقامة) إذ إشكال التّعيّن وارد على تقدير وجود المنصوب في الفرسخين فما دونه إلى الفرسخ (بحیث لو لم ینعقد لدیه لتَوجّب أن ینطلق إلی منطقة تقیم الجمعة) و الجواب (في الرّوایة) مشترك (بین الفرسخین و بین أبعد منها) كما لا يخفى.

إلّا أن يقال: إنّ‌ مقتضى إطلاق تعيّن السّعي إلى الجمعة المنعقِدة (بالشّروط) عدمُ جواز العقد بصرف وجود العادل و العدد، و هذا يدلّ‌ على الاشتراط بالمنصوب (و إلّا لَما بعثه الإمام نحو تلک الجمعة المنعقدة).

و فيه: أنّ‌ دلالته على التّعيّن (هو) بالمفهوم (المخالف) لأنّ‌ ما وصل إليه النّظر من الأخبار (منطوقاً:) هو عدمُ الوجوب على من بَعُد عن المسافة (الفرسخین) و ليس المقصود عدمَ الوجوب سعياً و لا عقداً (في المناطق الأخَر) إذ يلزم عدم وجوب الجمعة في الإسلام إلّا جمعةً واحدة (المنعقدة بالإمام) فالدّليل (أي الرّوایة) من أوّل الأمر ليس إلّا في مقام السّعي و عدمه من حيث الجمعة المنعقدة (فلا تتحدّث حول إعقادها أو عدمه) و على فرض الإطلاق (وجوب السّعي و الإعقاد) فلا يشمل في أوّل الأمر صورةَ «التّمكّن من العقد» فالدّليل قاصر من حيث المنطوق (حیث لم یستوجب علی المتمکّن من إعقادها لو تباعد عن الفرسخین) و قاصر من حيث المفهوم أيضاً (حیث لا تَستوجب سوی السّعي إلی المنعقدة المتکاملة.)

هذا:

1. لو كان المسافة شرطاً بالنّسبة إلى الجمعة المنعقدة (بحیث لا یحقّ إقامتها أبعد من الفرسخین فسواء أمکننا إعقادها أم لا فسیَتوجّب السّعي إلی الجمعة المتکاملة ضمن الفرسخین بحیث لا تَتشرَّع بأبعد منهما).

2. و أمّا إذا كان ذلك شرطاً للتّمكّن (من إعقادها ضمن الفرسخین) فلا إشكال (في وجوبها) أصلاً، إذ عليه يتعيّن السّعي في المسافة إلى مقدار يتمكّن من الجمعة عقداً أو سعياً (فیَتعیَّن وجوبها بلا تخییر) فتأمّل.»[2]

و أمّا فلسفة «تأمّله»:

Ø فربما تُعدّ تدقیقیّةً علی الشّقّین و احتمال الشّرطین.

Ø و ربما تُعدّ تمریضیّة بأنّ الشّقّین لاغیان لأنّ الرّوایة لم تقیِّد الجمعة أو التّمکّن بالفرسخین بل قد أطلَقت بأنّ الّذي یَعیش ضمن الفرسخین فستَتوجّب الجمعة علی الإطلاق: عقداً و سعیاً، و أنّ الّذي قد تَناءَی عن الفرسخین فلا تَتوجّب -وفقاً للأظهر الألیَق-.

ثمّ محَّص الشّیخ الحائريّ التّقریب الثّاني حول الرّوایة قائلاً:

2. و منها (التّقاریر): أنّ‌ نفس فرض عدم انعقاد الجمعة في طول فرسخين دليل على «عدم سهولة عقدها» و ليس ذلك (عدم سهولته) إلّا لعدم المنصوب من قبل الإمام عليه السّلام (فبالتّالي إنّ المسافة المحدَّدة تعدّ قرینة داخلیّة علی صعوبة انعقادها بحیث یَتصدّاه المعصوم و منصوبه).

و أمّا التّقريب الثّاني، ففيه: أنّ‌ وجدان العادل الّذي تطمئَنّ‌ نفوس البلد أو القرية بعدالته مع القدرة على الخطابة بحيث يَصدق على كلامه الخطبة، ليس من الأمور السّهلة جدّاً بحيث ينافي فرض عدمه (العادل) كما أنّه حُكم في غير واحد من الأخبار بإقامة الجمعة إذا فرض وجود من يَخطب، فلو كان وجوده (العادل) في كلّ‌ مجتمع من مجتمعات المسلمين معلوماً ضروريّاً لكان الشّرط المذكور (الفرسخان) ملحَقاً باللّغو، فكما يفرض وجوده (الشّرط) و يحكم بوجوب الجمعة، كذلك لا إشكال في فرض عدم انعقاد الجمعة لعدم وجود العادل الخطيب (إذن سیصعُب تواجد الإمام المنصوب و کذلک الخطیب الجامع للشّرائط) و توضيحه بأزيد ممّا ذكر: أنّ‌ لعدم انعقاد الجمعة في طيّ‌ الفرسخين عللاً، في عصر الإمام بالحقّ‌، و غير العصر المذكور. أمّا في عصر الإمام بالحقّ‌، فلعدم وجود العادل الخطيب في كلّ‌ ناحية فيها جماعة من النّاس، و لعدم جواز إقامة الجمعة في طيّ‌ الفرسخ لبطلانها فلابدّ لهم من السّعي، و لأنّه مع وجود العادل في زمن المعصوم فالأغلب أنّ‌ العدول يسعون إلى صلاة الإمام -المعلوم كونها مشتملة على المثوبات العظام- و من الممكن الاشتراط بالنّصب، و كانوا لا ينصبون في طيّ‌ الفرسخين لاجتماع النّاس في محلّ‌ واحد، و لا يضايق القائل بالوجوب التّعيينيّ‌ من الاشتراط بالنّصب في عصر بسط اليد.

و أمّا في زمن الغيبة أو ما يشابهه، فلما ذُكر من عدم وجود العادل، و عدم جواز إقامتها في طيّ‌ الفرسخ، و لسعي العدول إلى الجمعات المنعقدة في الأمصار، و للخوف من إقامتها كما تقدّم و يشير إليه الرّوايات».

و نجیبه بأنّ استحصال الخطیب العادل مُستعصٍ أیضاً و لکنّه أیسر بالنّسبة إلی جعل منصوب حاکم یُدیر شئون صلاة الجمعة، إذن فتحدید شخص قدیر مؤهَّل لها أشدّ صعوبةً حتماً، فحبّذا لو أجاب الشّیخ الحائريّ علی التّقریر الثّاني بالأسلوب التّالي: إنّ شرطیّة الفرسخین لا تُدلِّل علی صعوبة «إقامة الجمعة» و إنّما قد اعتَنی الشّارع بها:

1. لشُموخ شأنیّتها و حسّاسیّة آثارها الاجتماعیّة.

2. و لیُحشَر المسلمون معاً ضمن منطقة موحَّدة.

فهذه الشّرطیّة لا تَرتبط بالإمام و لا تلازم وجود المعصوم أو منصوبه أبداً.

-----------------------
[1] وسائل الشيعة ج ٥ ص ١٢ ح ٦ من باب ٤ من أبواب صلاة الجمعة. و قد علَّق علیه المحقّق الخوئيّ هادماً وجوبها التّعیینيّ قائلاً: « فإنه لو كان واجباً تعيينياً على كل أحد و لم يكن مشروطاً بإمام خاص، لم يكن وجه لسقوط الصلاة عن البعيدين عن محل الانعقاد، بل كان عليهم الاجتماع و الانعقاد في أماكنهم، فكيف ينفى عنهم الوجوب مصرحاً في الصحيحة الأخيرة بأنه ليس عليه شيء، و حملها على عدم تحقق شرط الانعقاد، لعدم استكمال أقل العدد، أو عدم وجود من يخطب كما ترى، فإنه فرض نادر التحقق جدّاً، إذ الغالب وجود نفر من المسلمين في تلك الأماكن و ما حولها إلى الفرسخين بحيث تنعقد بهم الجمعة كما لا يخفى. (موسوعة الإمام الخوئيّ ج11 ص25)
[2] حائری مرتضی. صلاة الجمعة (حائری). ص97-98 قم، جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي.


۴۶ الزيارة

رأيك

رمز الامان
مطالب اكثر...
ساعد على توسيع الكلمات المفتاحية للدروس

اقترح كلمة مفتاحية لهذا الدرس
خلاصات الملاحظات

نقاش ساري مع بیانات الشّیخ مرتضی الحائريّ