التعبدی و التوصلی
الجلسة 97- بتاريخ 23 ذیقعده 1446
خلاصات الملاحظات
محاوَرة حول التّعبّدیّة بمعنی الإرادة و الاختیار
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
محاوَرة حول التّعبّدیّة بمعنی الإرادة و الاختیار
إنّ الحوار المُستجِدّ یحول حول «الشّکّ في التّعبّدیّة بمعنی الإرادة و الاختیار» فنَتسائل: لو افتَقدنا الدّلیل علی الإرادة و تحیَّرنا هل یتوجَّب إصدار العمل مختاراً أم لا؟ فهل تجهیز المیّت أو السّعي بین الصّفا و المَروة أو...:
- سیُمتَثَل بالأجهزة الاکترونيّة کالآلات و السّیّارات و العَرَبة و حمل الحاجّ علی الأکتاف و... بحیث سیَفتقِد إرادته لإکمال العمل أو إیقافه؟
- أم یَرتَهن الامتثال علی إرادة الماشي و الدّافن، فرغمَ توفّر «القصد الأمر» و لکنّا نُناقش العمل المعرَّی عن الإرادة.
و قد اتَّجه المحقّق النّائینيّ نحوَ «التّعبّدیّة بلزوم الإرادة» قائلاً: [1]
«و أمّا الكلام في أصالة التّعبّديّة بمعنى اعتبار الإرادة و الاختيار و عدم السّقوط بدون ذلك (إرادة الفعل) فمُجمل القول فيه: هو أنّ الأقوى فيه أيضاً أصالة التّعبّديّة، بمعنى عدم سقوط التّكليف عند فعله بلا إرادة و اختيار:
- و ليس ذلك لأجل أخذ الاختيار في «موادّ الأفعال» لوضوح فساده، بداهةَ عدم توقّف الضّرب و القتل و غير ذلك (کالإضرار بأحد ضمن النّوم) من الموادّ على وقوعها عن إرادة و اختيار (لأنّ الموادّ بسیطة غیرُ مُرتهِنة بقید مّا).
- و كذا ليس ذلك لأجل أخذ الاختيار في «هيئات الأفعال» لوضوح أنّه لا يتوقّف صدق انتساب المادّة إلى الفاعل على الإرادة و الاختيار (فلو ضَرب النّائم و السَّکران بلا شعور و اختیار لَانتَسَب إلیه الضّرب) و كيف يمكن ذلك (التّوقّف)؟ مع أنّ الأفعال تعُمّ أفعال السّجايا و غيرها كبخل و علم، و كَرم، و أحمر، و أصفر، و ذلك ممّا لا يمكن فيه الإرادة و الاختيار، فهيئة الفعل الماضي و المضارع لا دلالة فيها على الاختيار، نعم تمتاز هيئة «فعل الأمر» عن سائر الأفعال في اعتبار الاختياريّة و ذلك لأمرين:
Ø الأوّل: أنّه يعتبر في متعلّق التّكليف أن يكون صدوره عن الفاعل حَسناً (مزیداً علی اعتبار الحُسن الفعليّ) و بعبارة أخرى: يُعتبر عقلاً في متعلّق التّكليف القدرة عليه ليَتمكّن المكلّف من امتثال الأمر على وجه يصدر الفعل عنه حَسناً، و من المعلوم: أنّ صدور الفعل حسناً من فاعله يتوقّف على الإرادة و الاختيار (حتّی یُطلَق علیه أنّه قد قصد الحُسن و الإحسان و أنّه مُحسِن) إذ الأفعال الغير الاختياريّة لا تتّصف بالحسن و القبح الفاعليّ (کأفعال النّائم و السَّکران) و إن اتَّصفت بالحسن و القبح الفعليّ، فلابدّ من خروج ما لا يكون بإرادة و اختيار عن متعلّق التّكليف عقلاً (و إلّا لَما تَحقَّق الملاک الواقعيّ) و لا يمكن أن يَعمَّه سعة دائرة الأمر.
Ø الثّاني: هو أنّ نفس الأمر (و المطالَبة) يقتضى اعتبار الإرادة و الاختيار مع قطع النّظر عن الحكم العقليّ، و ذلك لأنّ الأمر الشّرعيّ إنّما هو توجيه إرادة العبد نحوَ المطلوب و تحريك عَضَلاته، فالأمر هو بنفسه يقتضى اعتبار الإرادة و الاختيار، و لا يمكن أن يتعلّق بالأعمّ لأنّه بعث للإرادة و تحريك لها، و حینئذ لو قام دليل على سقوط التّكليف عند فعل متعلّقه بلا إرادة و اختيار، كان ذلك من قبيل سقوط التّكليف بفعل الغير (کما لو دَخل المتنجِّس عفویّاً إلی الماء فتَطهَّر) و هو يرجع إلى تقييد الموضوع، و (لکن) إطلاقُ الخطاب عند الشّكّ يدفع التّقييد المذكور (بالإرادة) فالأصل اللّفظيّ (الإطلاقيّ) يقتضى عدم السّقوط عند عدم الإرادة و الاختيار (فیُنتِج التّعبّدیّة نظیر مَن نامَ أثناءَ السّعي في سیّارته أو عَرَبته) و كذا الحال في الأصل العمليّ على حذو ما تقدّم عند الشّكّ في سقوطه بفعل الغير (أي الاستصحاب).»
و قد سایر المحقّق الخوئيّ بدایةً مع نظریّة أستاذه حول الموادّ قائلاً:
«أمّا الموادّ فقد ذكرنا في بحث المشتقّ بشَكل موسَّع أنّها موضوعة للطّبيعة المهملة العارية عن كافّة الخصوصيّات (حتّی الإرادة و الاختیار فتَتحقّق عفَویّاً) و هي مشتركة بين الحصص الاختياريّة و غيرها، مثلاً: مادّة ضرب و هي «ض ر ب» موضوعة لطبيعيّ الحدث الصّادق على ما يصدر بالاختيار و بغيره من دون عناية، و هكذا نعم وضعُ بعض الموادّ لخصوص الحصّة الاختياريّة، و ذلك كالتّعظيم و التّجليل، و السُّخرية، و الهَتك، و ما شاكل ذلك (کالإیمان و الشّرک).»[2]
---------------------------
[1] نایینی محمدحسین. فوائد الاُصول (النائیني). Vol. 1. ص143 قم - ایران: جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي.
[2] خوئی ابوالقاسم. محاضرات في أصول الفقه (الخوئي). Vol. 2. ص146 قم - ایران: انصاريان.
ساعد على توسيع الكلمات المفتاحية للدروس
خلاصات الملاحظات
محاوَرة حول التّعبّدیّة بمعنی الإرادة و الاختیار
رأيك