التعبدی و التوصلی
الجلسة 76- بتاريخ 16 شوال 1446
خلاصات الملاحظات
تحطیم الدّلیل الثّاني لأصالة التّعبّدیّة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
تحطیم الدّلیل الثّاني لأصالة التّعبّدیّة
و عقیبَ ما تخلَّصنا من الدّلیل الأوّل تجاه «أصالة التّعبّدیّة» و فنَّدناه تفنیداً، فسنَتصدّی الآن لمُستَمسکِهم الثّاني حیث استَظهروا أصالة التّعبّدیّة من الآیة التّالیة: «و ما أُمِرُوا إلّا لِیَعبدوا الله مخلِصِینَ له الدّین حُنَفاءَ و یُقیموا الصّلاةَ و یُؤتوا الزّکاةَ و ذلک دینُ القَیِّمة»[1] زاعمِین أنّ امتثال کافّة أوامر الله تعالی یَتطلَّب الإخلاص و النّیّة الصّافیة العبادیّة، إذ الّلام -لیعبدوا- تُعدّ غائیّة بحیث إنّ الهدف الغائيّ من أوامر الشّارع هي العبودیّة المُخلِصة، فبالتّالي ستَتسجَّل أصالة التّعبّدیّة لدی الامتثالات.
بینما قد رفضنا هذه الاستدلالیّة أیضاً إذ:
1. هاتِ الآیات تَخُصّ الکفّار و المشرکین فحسب فإنّ ظاهرها أنّها قد رکَّزت علی کُتبهم السّماویّة و رُسلهم و أوامرهم المُسجَّلة في شریعتهم و تفرُّقاتهم و... حیث انصَبّ حوارها علی العناوین التّالیة: «لم یکن الّذین کفروا من أهل الکتاب و المشرکین» منفکّین حتّی «تأتیهم البیّنة» * «رسولٌ من الله» یَتلو «صُحُفاً» مُطهَّرة * فیها کتب «قیّمة» * و ما تَفرَّق الّذین «أوتوا الکتاب» ...» إلی آخرها، و حیث إنّهم قد تَبنَّوا مُعتقَدات زائفة نظیر قوله تعالی: «لقد کَفَر الّذین قالوا إنّ الله ثالثُ ثلاثةٍ»[2] و قوله تعالی: «ما نَعبُدهم إلّا لِیُقرِّبونا إلی الله زُلفی»[3] فبالتّالي قد أجابهم تعالی بأنّ العبودیّة منوطة بالخلوص و الحَنفیّة فحسب.
إذن فالآیة مُنعدِمة الصِّلة بأوامر المسلمین -الّتي موقع صراعنا- فرغمَ أنّ المسلمین أیضاً مأمورون بالإخلاص و التّقرّب و لکنّ الآیة لا تَرتبط بهم.[4]
2. فلو تَنازَنا فسلَّمنا عدم خصوصیّة الکفّار و أهل الکتاب، لَاحتَوَت المسلمین أیضاً -وفقاً للمِقیاس المذکور: «و ذلک دین القَیِّمة» و حیث إنّ کافّة العباد مکلَّفون «بالدّین القیِّم» فسیَتوجَّب علی عامّة الطّوائف و الأدیان أن یُوحِّدوا الله تعالی- و لکن سنُجیب بأنّ الآیة لیست ضمن مقام تبیین «کیفیّة العمل» أساساً بل تَمرکَزت فحصَرت «المعبود في الله تعالی» بأنّ الواجب أن یُعبد الله فحسب دون غیره -درءاً للشّرک- فبالتّالي لم تُحدِّد کیفیّةَ الامتثال و لزوم اتّخاذ القصد فیه.
---------------------------
[1] سورة البیّنة الآیة 4.
[2] سورة المائدة الآیة 73.
[3] سورة الزّمر الآیة 3.
[4] و لکنّه استظهار مستَبعَد إذ أوّلاً: الآیة الثّانیة تُدلِّل علی أنّ المسلمین مندرجون أیضاً ضمن خطاب الآیة، حیث یُصرِّح تعالی: «رسول من الله یَتلو صُحفاً مُطهَّرة» فإنّ الرّسول -سواء الخاتم أم غیره- یَتلو الآیات علی العالَمین بأسرهم لا الکفّار فحسب، وثانیاً: إنّ المورد لا یُخصِّص القضیّة و التّعالیل الوارد ضمن الآیات.
ساعد على توسيع الكلمات المفتاحية للدروس
خلاصات الملاحظات
تحطیم الدّلیل الثّاني لأصالة التّعبّدیّة
رأيك