pic
pic
  • ۴۴۲

    صفحه 442

    ابن الفضيل ، عن أبي الصباح. وعن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبي جميعاً، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، أنّه سُئل عن الأهلّة؟ فقال : هي أهلّة الشهور ، فإذا رأيت الهلال فصم ، وإذا رأيته فأفطر ، الحديث (1) .

    المستفاد من هذا الحديث أنّ الملاك في بداية الشهر القمري هو الهلال، والرؤية طريق لليقين بحصول الهلال . ومن جهة اُخرى: فإنّ الهلال غير مشروط بالرؤية الطبيعيّة ، وإلاّ لزم أن يكون هناك أهلّة متعدّدة بتعدّد الأفراد واختلاف البلاد ، وهو واضح البطلان .

    ومن الشواهد والمؤيّدات على اعتبار الرؤية طريقاً لليقين بحصول الهلال ماورد في بعض الروايات من أنّه لو استُهل صباحاً في جهة المشرق ولم ير الهلال، فهو هلال جديد في ليلة ذلك اليوم ; سواء رُؤي أم لم ير :

    محمد بن الحسن بإسناده عن الصفّار، عن إبراهيم بن هاشم، عن زكريّا بن يحيى الكندي الرقّي، عن داود الرقّي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا طلب الهلال في المشرق غدوة فلم ير فهو ههنا هلال جديد رؤي أو لم ير (2) .

    وإن كان صاحب الوسائل قد حمل هذه الرواية على الغالب أو التقيّة ، ولكن وجود ما يوافقها من الروايات يمنع من حملها على التقيّة . وبشكل عامّ فإنّ المستفاد أنّ الرؤية طريق لليقين بحصول الهلال ، وأنّها لا موضوعيّة لها .

    إنّ المستفاد من تحليل الروايات بطلان القول باحتمال أنّ الشارع الأقدس جعل الخروج عن المحاق بمقدار يراه الناس موضوعاً لوجوب الصوم ، فلا شاهد


    (1) تهذيب الأحكام 4 : 156 ح434 ، الاستبصار 2 : 63 ح204، وعنهما وسائل الشيعة 10: 254، كتاب الصوم، أبواب أحكام شهر رمضان ب3 ح7.
    (2) تهذيب الأحكام 4 : 333 ح1047 ، وعنه وسائل الشيعة 10 : 282 ، كتاب الصوم، أبواب أحكام شهر رمضان ب9 ح4.
  • ۴۴۳

    صفحه 443

    ولا دليل على مثل هذا الاحتمال ، بل الرؤية ـ مسلّحة كانت أو غير مسلّحة ـ طريق للعلم بثبوت الهلال . والمتلخّص هو: أنّه لا ترديد في أنّ الرؤية الواردة في الروايات لها دور الطريقيّة ، ولا فرق بين أسباب حصول ذلك ، بل الملاك هو اليقين بحصول الهلال وتحقّقه .

    وقد ذكر بعض الأعاظم أنّ لرؤية الهلال موضوعيّة; بمعنى أنّه لا بدّ في احتساب بداية الشهر القمري من إمكانيّة الرؤية بالعين غير المسلّحة وإن كانت الرؤية متعذّرة بالفعل بسبب المانع (1).

    ولكن يظهر ممّا تقدّم بطلان هذه الدعوى ; وذلك لخلوّ الروايات من أيّة قرينة دالّة على الإمكان . نعم ، قد يقال بعدم اعتبار الرؤية بالفعل إذا كان هناك ما يمنع منها، إلاّ أنّ هذا لا يلازم القول بأنّ لإمكانيّة الرؤية بالعين غير المسلّحة موضوعيّة في المقام .

    بل المستفاد من الروايات بشكل واضح ـ كما أسلفنا ـ عدم اعتماد التظنّي في بداية الهلال، بل لابدّ من حصول اليقين ; فإنّ الطريق الوحيد في ذلك الزمان لحصول اليقين هو الرؤية فقط ، وعليه: فإنّ للرؤية طريقيّة لإثبات الهلال ، وهذا الطريق هو طريق لحصول اليقين ، ولا تطرّق في الروايات للإمكان أو عدمه ، بل إنّ المراد بالرؤية هي الرؤية الفعليّة، كما هو مقرّر في محلّه(2) من أنّ العناوين ظاهرة في الفعليّة .

    وليس من المستبعد استفادة هذا المطلب من مجموع الروايات الواردة في المقام ، وهو : أنّ طريق تحصيل اليقين في الأزمنة السابقة كان ينحصر بالرؤية ، ولم تكن الحسابات الفلكيّة موجبةً لحصول اليقين حتّى للفلكي نفسه فضلاً عن


    (1) فقه أهل بيت (عليهم السلام) ، سال 11 ، شماره 43 : 170.
    (2) راجع فوائد الأصول 1: 120 ـ127، محاضرات في اُصول الفقه 1: 252، 259، 272، 278ـ291، دراسات في الاُصول 1: 320.

    صفحه 444

    غيره ، وقد نفت الروايات اعتماد الظنّ .

    وأمّا في عصرنا الحاضر، فحيث إنّ الحسابات الفلكيّة الدقيقة تورث الاطمئنان والوثوق، فهي قابلة للاعتماد أكثر ممّا سبق ، فإذا ثبت بالحساباتالفلكيّة الدقيقة في غروب يوم من الأيّام خروج الهلال من تحت الشعاع; فإنّه يمكن اعتبار تلك الليلة أوّل الشهر القمري ; ولأجل هذا يقول الفقهاء(1) بكفاية الاطمئنان ببداية الشهر الجديد إذا كان من طريق الحسابات المفيدة لمثل هذا الاطمئنان .

    وممّا يجدر ذكره أنّ الشارع لم يتعبّدنا البتّة بخصوص ثبوت الشهر القمري ، بحيث يكون فرق بين الشهر القمري والشهر الشرعي ، وإنّما اشترط شيئاً واحداً ـ طبعاً هذا في وجوب الصوم لا لبداية الشهر ـ وهو عدم الاعتماد على الظنّ والرأي ، ولم يتعبّدنا بما سوى ذلك البتّة .

    النقطة الثانية : ما هو المراد بالمتعارف ؟ والمتعارف في أيّ زمان هو المقصود ؟ نقل صاحب الجواهر عن الشيخ البهائي(2) وعن اللّوامع(3) أنّه يلزم حمل المتعارف على ما كان متعارفاً في زمان النبيّ (صلى الله عليه وآله) وإن لم يكن متعارفاً في زمان الأئـمّة (عليهم السلام)، ثمّ استدلّ قائلاً : « لأنّ أحكامهم متلقّاة منه » (4) .

    إذاً لا يمكن دعوى الانصراف إلى المتعارف ; لأنّ مسألة الرؤية بالعين المسلّحة لم تكن مطروحة للبحث أساساً في زمن صدور الأحاديث ، وإذا كان في


    (1) توضيح المسائل مراجع 1 : 998 مسألة 1732، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الصوم: 248ـ 249.
    (2) الحبل المتين 2 : 180.
    (3) لوامع صاحبقراني 1 : 534 ـ 536.
    (4) جواهر الكلام 6 : 184 .
  • ۴۴۵

    صفحه 445

    الزمان الحالي ثـمّة عنوان غير متعارف فهذا لا يبرّر انصراف الروايات السابقة عن هذا المورد والعنوان ، كما أنّه لا يمكن اعتبار الرؤية بالعين المسلّحة من الموارد غير المتعارفة . نعم ، لمّا كانت مثل هذه الوسائل ليست في متناول أيدي الجميع، فلا يتيسّر الإفادة منها واستخدامها من قبل الجميع ، ولكن هذا غير مسألة أنّها غير متعارفة .

    وأمّا إذا كان المراد من غير المتعارف هو الندرة، كما هو كذلك في جميع الأزمنة، فيمكن أن يكون لذلك وجه مقبول . أمّا إذا كان نادراً في زماننا مثلاً، غير نادر في الأزمنة الآتية، فلا وجه حينئذ لذلك ; لأنّ مثل هذا الانصراف سيستلزم انسداد باب الإطلاق في الفقه، وهدم كثير من الأحكام الفقهيّة .

    النقطة الثالثة : أنّ حقيقة الإطلاق كما يقتضيه التحقيق هي رفض القيود لاجمعها ، فإذا كان الإطلاق كذلك فلا وجه حينئذ لهذه الدعوى إطلاقاً . نعم، لو قلنا إنّه عبارة عن جمع القيود كان وجه لهذه الدعوى ثبوتاً ، وأمّا إثباتاً فهي بحاجة إلى دليل أو قرينة تدلّ عليه .

    وتوضيح ذلك أن يقال : إذا كان الإطلاق هو رفض القيود، فلابدّ من الالتزام بأنّ الشارع اعتبر تمام الملاك في الرؤية، دون أن يلحظ أيّ قيد آخر ، بل لم يلتفت أساساً إلى الأفراد والمصاديق ليقال بالانصراف عن بعض، وعدم الانصراف عن الآخر . وأمّا إذا كان الإطلاق هو جمع القيود; فإنّه يمكن القول بأنّ الشارع أخذ جميع الأفراد والمصاديق والقيود بنظر الاعتبار، وقد أراد المعنى المطلق منها جميعاً ، فهنا يمكن دعوى الانصراف بحقّ البعض منها .

    وبعبارة أُخرى : إنّه بناءً على هذا المبنى لا يمكن دعوى الانصراف في أيّ مورد من الموارد ، ولا يمكن أن ينصرف اللفظ المطلق بذاته إلى فرد خاصّ بعينه وإن كان يمكن تشخيص ذلك الفرد بقيام القرينة عليه ، إلاّ أنّ هذا بحث آخر غير

  • ۴۴۶

    صفحه 446

    الانصراف .

    النقطة الرابعة : وهي التي في غاية الأهمّية; وهي عبارة عن أنّ الألفاظ يجب حملها على معانيها المتعارفة، لا على المعاني النادرة وغير المشهورة ، ولكن ثـمّةفرق بين المعنى المتعارف، وبين المصداق المتعارف ، وفي بحث رؤية الهلال ينطبق على الوسائل الجديدة أنّها من المصاديق غير المتعارفة، لا أنّها معنى غير متعارف ، فالعلاقة بين اللفظ والمعنى أمر واضح وصحيح ، ولكنّ العلاقة بين اللفظ والفرد أو المصداق هو أنّه لايمكن تعيين المصداق فيها من خلال الوضع واللغة ; لأنّ المصداق والفرد يرتبطان بمقام التطبيق ، والتطبيق أمر عقليّ لا علاقة له بالواضع أو العرف(1) . وتأسيساً على ذلك فإنّ الخلط بين المعنى المتعارف والمصداق المتعارف هو الذي سبّب الخلط عند البعض .

    ونشير فيما يلي إلى بعض النماذج في المقام :

    النموذج الأوّل : قوله (صلى الله عليه وآله) : الطواف بالبيت صلاة(2); فإنّ المعنى المتعارف هو الصلاة الفعليّة ، بينما معناها النادر هو الدعاء ، ولذا لا يمكن القول بأنّ المراد بالصلاة هنا الدعاء ، بل لابدّ من تنزيلها على معناها المتعارف ، قال صاحب المدارك : والألفاظ إنّما تُحمل على المعنى المتعارف ، لا النادر غير المشهور (3) .

    النموذج الثاني : في وضوء ذي الوجه الطويل الخارج عن المتعارف ، قال صاحب الجواهر : ويجب عليه الغسل من القصاص إلى الذقن وإن طال وجهه بحيث خرج عن المتعارف ; لصدق اسم الوجه (4) .

    فيعلم من ذلك أنّ الموارد التي تكون ذات معنى واضح لا تأثير للمصداق


    (1) تقدّم تفصيله في ص234.
    (2) تقدّم في ص418.
    (3) مدارك الأحكام 1 : 71 .
    (4) جواهر الكلام 2 : 261.
  • ۴۴۷

    صفحه 447

    فيها ، ولا توجب المصاديق غير المتعارفة تغييراً في معنى اللفظ . نعم ، بالنسبة إلى معنى الوجه وأنّه هل المراد منه المتعارف يمكن أن يُدّعى ذلك ; ولذا قال صاحب الجواهر في شرح قول المحقّق: ولا عبرة بالأنزع ، ولا بالأغمّ(1) : أنّه يرجع كلّ منهما إلى الغالب في أكثر الناس (2) ، لكن هذا من جهة أنّ المقصود بالوجه هو الوجه المتعارف ، فيجب غسله ما دام يصدق عليه عنوان الوجه ولو لم يكن من المصاديق المتعارفة .

    النموذج الثالث : ممّا يدلَ على أنّه إذا كان عامّ ومطلق لغويّ فجميع الأفراد يتساوون بالنسبة إليه ، ولا فرق بين الأفراد الغالبة وغير الغالبة ، ما تعرّض له صاحب الجواهر في غسل الوجه في الوضوءبعدأن ذكرعدم وجوب غسل المسترسل من اللحية ولا تخليله ، ثمّ نقل كلاماً عن الشهيد في الدروس قال فيه : يستحبّ التخليل وإن كثف الشعر (3)، ثمّ عقّب عليه معترضاً بأنّه لم أعثر له على دليل يقتضيه، بل قد يظهر من ملاحظة الأدلّة خلافه ـ إلى أن قال: ـ وحيث اشتملت الرواية على العموم اللغوي التي يتساوى جميع الأفراد بالنسبة إليه، لم يختلف الحال في الموافق للغالب وعدمه ، فالأغمّ مثلاً إن كان كثيف الشعر اجتزأ بغسله (4) .

    فيظهر من ذلك انتفاء الفرق بين الفرد الغالب وغير الغالب .

    النقطة الخامسة : حتّى في صورة ما إذا كان الانصراف مع القرينة; فإنّ المستفاد مع ذلك من منهجيّة صاحب الجواهر عدم إمكان التعويل عليه لوحده


    (1) شرائع الإسلام 1 : 21.
    (2) جواهر الكلام 2 : 261.
    (3) الدروس الشرعيّة 1 : 91.
    (4) جواهر الكلام 2 : 282 ـ 283.
  • ۴۴۸

    صفحه 448

    لدى الفقيه ، بل يجب ألاّ يكون معارضاً لفهم الأصحاب أوّلاً ، وأن يُدعم بالمؤيّدات ثانياً ، ونشير هنا إلى نموذجين :

    النموذج الأوّل : مسألة التطهير بالماء القليل، وأنّه هل يشترط ورود الماء على النجاسة، أو لا ؟ خلاف في ذلك . وقد عالج صاحب الجواهر المسألة من خلال الانصراف إلى المتعارف والمعهود بين الناس، حيث يعتبرون ورود الماء مطهّراً ، لكن قد أيّد قبل وبعد هذا الحكم بالإجماع والسيرة المستمرّة(1) .

    النموذج الثاني : ما ذكره أيضاً (قدس سره) في صورة تكبيرة الإحرام، حيث قال : فصورتها أن يقول : الله أكبر ، وقد عدّ من أدلّتها أنّها هي المتعارفة والمعهودة من صاحب الشرع ، لكن أورد شواهد اُخرى أيضاً (2) .

    والمتحصّل :

    أوّلاً: أنّه بعد أن اتّضح أنّ الرؤية بالآلات من مصاديق الرؤية عرفاً، وأنّه لاترديد في صدق الرؤية عليها عرفاً، فلابدّ من القول بأنّ الرؤية الواردة في الروايات مطلقة من جهة السبب .

    وثانياً: أنّه لا قرينة على الانصراف . وعليه: فلا يمكن التعويل عليه كدليل يعتمده الفقيه . وقد ذكر البعض: أنّ القرينة هي عبارة عن مناسبات الحكم والموضوع(3) . ولكنّ الصحيح عدم إمكان اعتبار ذلك قرينة ; لأنّ الهلال كما يناسب رؤيته بالعين غير المسلّحة، يناسب أيضاً رؤيته بالعين المسلّحة .

    موارد من عدم حمل الفقهاء المطلقات على الفرد المتعارف في الفقه :


    (1) جواهر الكلام 6 : 249 ـ 255.
    (2) جواهر الكلام 9 : 332.
    (3) لم نجده عاجلاً.
  • ۴۴۹

    صفحه 449

    من خلال ملاحظة موارد عديدة من الحالات التي لم يحمل فيها الفقهاء المطلقات على الفرد المتعارف، ومع وجوده نصل إلى هذه النتيجة، وهي: أنّ الفقهاء لا يحملون المطلق على الفرد المتعارف في جميع الموارد ما لم تكن هناك قرينة في المقام :

    1 ـ قال صاحب الذخيرة في مسألة جواز تطهير المخرج من الغائط إذا تعدّى بالماء فقط، أو بالأحجار أيضاً : ولا يخفى أنّ الأخبار(1) الدالّة على الاكتفاء بالأحجار مطلقة من غير تفصيل بالمتعدّي وغيره ، ثمّ قال : فإن لم يكن إجماع على الحكم المذكور كان للتأمّل مجال (2) .

    فمع أنّ المتعارف هو موضع الغائط، حتّى أنّ بعض الفقهاء كصاحب الحدائق قد عللّه بقوله : لبناء الأحكام الشرعيّة على ما هو المتعارف المعتاد المتكرّر دون النادر (3)، إلاّ أنّ صاحب المدارك استند إلى الإطلاق(4) ، فلو كان الحمل دائميّاً في جميع الموارد على المتعارف حتّى المصداق المتعارف لما كان ثـمّة مجال للنزاع إذاً !

    2 ـ نقل صاحب الجواهر في مسألة الوضوء للمرأة ذات اللحية، وأنّه لا يجب تخليلها، ونقل عن بعض العامّة حمله دليل غسل الشعر أو التخليل على الغالب المتعارف; وهو الرجل دون المرأة(5).

    ولكنّه (قدس سره) ضعّف ذلك معلّلاً بقوله : لما عرفت من العموم اللغوي فيه(6)، وعليه: فمع وجود العموم اللغوي لا مجال للانصراف.


    (1) وسائل الشيعة 1 : 354 ، كتاب الطهارة ، أبواب أحكام الخلوة ب34.
    (2) ذخيرة المعاد : 17 .
    (3) الحدائق الناضرة 2 : 27.
    (4) مدارك الأحكام 1 : 166.
    (5) المغني لابن قدامة 1 : 99 ـ 100 ، المجموع 1 : 439.
    (6) جواهر الكلام 2 : 283.
  • ۴۵۰

    صفحه 450

    3 ـ ذكر صاحب الجواهر في مسألة اشتراط كون المسح على الرأس باليد اليمنى كما هو المتعارف، أو لا ؟ أنّ مقتضى إطلاق الكتاب والسنّة وبعض الفتاوى عدم ذلك ، وإن كان الظاهر من حسنة زرارة الوجوب; لقوله (عليه السلام) : وتمسح ببلّة يمناكناصيتك(1)، إلاّ أنّ تقييد تلك المطلقات من الكتاب والسنّة مع فتاوى الأصحاب بمجرّد هذه الرواية وإن كانت نقيّة السند لا يخلو من إشكال، خصوصاً مع ظهور إعراض الأصحاب عنها . ثمّ قال : فاحتمال صرف إطلاق النصّ والفتوى إلى المسح باليد اليمنى لكونه الفرد المتعارف بعيد جدّاً (2) .

    إذاً لا يمكن في مثل هذه الموارد تقييد الإطلاق مع وجود الفرد المتعارف فيها .

    4 ـ اختلف الفقهاء في حكم خروج المني، وأنّ المراد هو الخروج من الموضع المتعارف، أو الملاك مطلق الخروج، ولا فرق بين الموضع المعتاد وغيره .

    استظهر صاحب الجواهر من كلام المحقّق الحلّي(3) الإطلاق . والمشهور في الحدث الأصغر هو الخروج من الموضع المعتاد ، وقد استبعد صاحب الجواهر تنزيل ما نحن فيه على الحدث الأصغر . قال العلاّمة في المنتهى : لو خرج المنيّ من ثقبة في الإحليل غير المعتاد، أو في خصيتيه، أو في صلبه، فالأقرب وجوب الغسل (4) .

    وقال في التذكرة : لو خرج المنيّ من ثقبة في الذكر، أو الاُنثيين، أو الصلب وجب الغسل (5). وثـمّة تردّد في وجود إطلاق شامل لما فوق الصُلب . قال المحقق


    (1) الكافي 3 : 25 ح4 ، الفقيه 1 : 24 ح74 ، وعنهما وسائل الشيعة 1 : 388 ، كتاب الطهارة ، أبواب الوضوء ب15 ح2.
    (2) جواهر الكلام 2 : 330 ـ 332.
    (3) شرائع الإسلام 1 : 26.
    (4) منتهى المطلب 2 : 180 ـ 181 .
    (5) تذكرة الفقهاء 1 : 222 .

۱۰۵,۹۱۳ الزيارة