pic
pic
  • ۳۹۱

    صفحه 391

    وأبي أيّوب الأنصاري(1) ، وقد أورده ما يقارب 200 شخصاً من كبار علماء أهل السنّة في كتبهم ، والحديث الشريف حسب بعض العبائر المنقولة هو: أنّرسول الله (صلى الله عليه وآله) قال :

    إنّي تاركٌ فيكم الثقلين : أوّلهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فتمسّكوا بكتاب الله وخذوا به... وأهل بيتي ، اُذكّركم الله في أهل بيتي ، ثلاث مرّات(2) .

    ومن أجل الاستدلال بهذا الحديث على عدم تحريف الكتاب يمكن الاستدلال بطريقين :

    الطريق الأوّل : أنّ هذا الطريق يتّضح بستّة مطالب :

    أ : يدلّ الحديث الشريف على إمكانيّة التمسّك بالكتاب إلى يوم القيامة .

    ب : تحريف الكتاب يستلزم عدم إمكان التمسّك به .

    ج : معنى التمسّك بالقرآن : التمسّك بجميع الشؤون التي تطرّق لها القرآن ، وليس المراد خصوص التمسّك ببعض الموارد، مثل آيات الأحكام . وبعبارة اُخرى: إنّ مايقصده القرآن ليس مجرّد بيان الأحكام والقوانين العمليّة ، وإنّما هو لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور .

    د : الغرض من التحريف هو إخفاء بعض الحقائق وإطفاء بعض أنوار الكتاب الشريف ، والكتاب المحرّف لا يستطيع أن يكون هادياً في جميع الجوانب ونوراً في جميع الأطراف ، في حين الغاية النهائيّة التي يبيّنها القرآن الشريف لنفسه هي إخراج الناس من الظلمات باتّجاه النور ، ورفعهم إلى مرتبة الإنسانيّة الكاملة، والدرجات العليا المادّية والمعنويّة . وهذا الغرض لا يحصل إلاّ بالتمسّك به .


    (1) آلاء الرحمن : 100 ـ 101 .
    (2) سنن الدارمي 2 : 292 ح3311، سنن الترمذي 5 : 663 ح3797، صحيح مسلم 4 : 1492 ح2408، المستدرك على الصحيحين 3 : 160 ح4711 وغيرها من كتب العامّة والخاصّة، ويلاحظ ص384.
  • ۳۹۲

    صفحه 392

    هـ : إنّ التمسّك بالقرآن يختلف عن التمسّك بالعترة ; إذ أنّه أمرٌ لا يمكن تحقّقه إلاّ عن طريق الوصول إلى القرآن نفسه فقط ، وذلك هو القرآن الذي لدى الناس وبين الناس، وليس القرآن المحفوظ عند أهل بيت العصمة والطهارة(عليهم السلام) .

    و : يستفاد من الحديث الشريف أنّ التمسّك بالكتاب ليس ممكناً فقط ، وإنّما هو واجب ، والجملة الخبريّة هي في مقام إنشاء الحكم التكليفي . وفي بحوث علم الاُصول ثبت أنّ التكاليف الشرعيّة يلزم أن تكون متعلّقاتها مقدورة للمكلّفين ، ولو كان القرآن متعرّضاً للتحريف فالتمسّك به سيكون غير مقدور .

    الطريق الثاني : يستفاد من هذا الحديث الشريف أنّ كلّ واحد من هذين الثقلين حجّةٌ مستقلّةٌ ودليل تامّ إلى جانب الدليل الآخر ; بمعنى أنّ حجّية كلّ منهما ليست متوقّفة على إمضاء وتقرير الآخر . طبعاً هذا لا يعني بأنّ كلاًّ منهما بانفراده كاف للبلوغ إلى الكمال المطلوب، والخروج من الضلالة وإزالة الظُلْمة ، بل إنّ هذه الآثار مترتّبةٌ على مجموع هذين الثقلين .

    وبناءً عليه: أنّه إذا كان قد حدث تحريف في الكتاب، فظواهره ساقطة عن الحجّية ، والقائلين بالتحريف عليهم أن يعتقدوا بأنّ الرجوع إلى المحرّف يحتاج إلى إمضاء المعصومين(عليهم السلام)، وهذا خلاف الحديث الشريف ; لأنّ ظاهره يدلّ على استقلال أيّ واحد من هذين الدليلين ، ومبدئياً كيف يمكن أن تكون حجّية الثقل الأكبر متوقّفة على الثقل الأصغر ؟ كلاّ ، ثمّ كلاّ .

    من هذين الطريقين نستنتج أوّلاً : ليس التمسّك بالكتاب الشريف ممكناً فقط ، بل لأنّ التكليف يكون لازم التنفيذ أيضاً .

    وثانياً : الكتاب الشريف مطروح بعنوان دليل وحجّة مستقلّ .

    فمن البديهي والواضح أنّ القول بالتحريف لا ينسجم ولا يتلائم أيّ واحد من هذين المطلبين .

  • ۳۹۳

    صفحه 393

    النكتة الخامسة عشر : نسخ التلاوة والإنساء

    يلاحظ من خلال كلمات علماء العامّة وجود عنواني نسخ التلاوة والإنساء، وبعضهم(1) يعتبر جواز نسخ التلاوة أمراً إجماعيّاً دلّ عليه الدليل العقلي والنقلي .

    ونحن في هذه النكتة بصدد دراسة ; هل أنّ هذين العنوانين مغايران مع عنوان التحريف ، أو أنّ قبول جواز نسخ التلاوة ملازم مع جواز التحريف ؟

    هناك أحاديث موجودة في الكتب الروائيّة جعلت أكابر علماء العامّة يبرّروا نسخ التلاوة ، من جملتها الرواية التي وردت في مسألة الرجم .

    روى ابن عبّاس، عن عمر أنّه قال : من الآيات التي نزلت على النبيّ (صلى الله عليه وآله) هي آية الرجم «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة» ، رجم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورجمنا بعده(2) .

    ويقول زيدبن ثابت : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة. وقال عمر: إنّ الشابّ إذا زنى وقد اُحصن رجم(3)، ولم يدّع زيدٌ أنّ كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا كان بعنوان أنّه وحي قرآنيٌّ ، لكن عمر تصوّره وحياً قرآنيّاً، حيث قال للرسول (صلى الله عليه وآله) : أكتبنيها؟ ولم يردّ عليه الرسول (صلى الله عليه وآله) . وتصوّر أهل السنّة بأنّ هذا الحكم وكلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) طرح بعنوان آية من القرآن ، وتلاوتها وقراءتها نُسخت ولكن حكمها ظلّ باقياً .

    وهناك إيرادات هامّة وردت على هذا الاعتقاد :

    الإيراد الأوّل : النسخ من أيّ نوع كان بحاجة إلى ناسخ ، وهذه الموارد لاوجود لناسخ لها .


    (1) الإحكام في اُصول الأحكام للآمدي 3 : 154 ـ 155.
    (2) سنن ابن ماجة 3 : 232 ح2553، السنن الكبرى للبيهقي 12 : 414 ح17384.
    (3) المسند لابن حنبل 8 : 142 ح21652، المحلّى بالآثار 12: 176.

    صفحه 394

    الإيراد الثاني : ثبت في محلّه بأنّ النسخ يجري في حدود الأحكام الشرعيّة فقط ، وليس للتلاوة عنوان شرعيّ .

    ثمّ إنّ بعض علمائهم ردّوا على هذا الإيراد ، بأنّ المراد من التلاوة ، ليس وجودها الخارجي ، بل المراد جواز التلاوة الذي هو أحد الأحكام الشرعيّة(1) .

    الإيراد الثالث : ما هي الثمرة المترتّبة على هذا النوع من النسخ; بأن تنسخ التلاوة ، أمّا أصل الحكم الذي هو مدلول الآية يظلّ باقياً ؟

    الإيراد الرابع : أهمّ إيراد هو ما بيّنه المرحوم المحقّق الخوئي :

    إنّ نسخ التلاوة هذا إمّا أن يكون قد وقع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وإمّا أن يكون ممّن تصدَّى للزعامة من بعده، فإن أراد القائلون بالنسخ وقوعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فهو أمر يحتاج إلى الإثبات. وقد اتّفق العلماء أجمع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد، وقد صرَّح بذلك جماعة في كتب الاُصول وغيرها(2) ، بل قطع الشافعي وأكثر أصحابه، وأكثر أهل الظاهر بامتناع نسخ الكتاب بالسنّة المتواترة، وإليه ذهب أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه، بل إنّ جماعة ممّن قال بإمكان نسخ الكتاب بالسنّة المتواترة منع وقوعه.

    وعلى ذلك فكيف تصحّ نسبة النسخ إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) بأخبار هؤلاء الرواة؟ مع أنّ نسبة النسخ إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) تنافي جملة من الروايات التي تضمّنت أنّ الإسقاط قد وقع بعده. وإن أرادوا أنّ النسخ قد وقع من الذين تصدّوا للزعامة بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فهو عين القول بالتحريف(3).

    وأمّا ما بيّنوه في مسألة الرجم فبطلانه واضحٌ جدّاً ; لأنّ الرسول الذي كان


    (1) الإحكام في اُصول الأحكام للآمدي 3 : 154 ـ 155.
    (2) الموافقات في اُصول الشريعة: 3 / 79.
    (3) البيان في تفسير القرآن: 206.
  • ۳۹۵

    صفحه 395

    يولّي الدقّة الكاملة والمراقبة التامّة في تثبيت آيات القرآن الشريفة، وباهتمام منقطع النظير يولّي كتّاب الوحي بهذا الأمر ، في حين كانت مسألة الرجم من آيات القرآن ، فكيف ولماذا لم يأمر بتثبيتها في الكتاب ولم يردّ على سؤال عمر ؟

    فبناءً عليه، مسألة نسخ التلاوة أمرٌ بطلانه واضحٌ وبديهيّ جدّاً ، حتّى أنّ بعض المعاصرين من أهل السنّة قد قال : إنّه جائز عقلاً ، لكنّه لم يقع مثل هذا النسخ في كتاب الله عزّ وجلّ(1) .

    وابن حزم الأندلسي بعد أن قبل نسخ التلاوة في البداية ، لكنّه في انتهاء الكلام برّر المسألة بشكل بحيث لاتكون مرتبطة بالوحي الإلهي(2) .

    النكتة السادسة عشر : لا يمكن للشيعة الاعتقاد بالتحريف

    ليست الشيعة لا تعتقد بعدم التحريف فقط ، بل لايمكن أن يكون لديها مثل هذا الاعتقاد ; لأنّ من الأدلّة المهمّة التي تشكِّل المادّة الأساسيّة لمعتقدات الشيعة هي آية التطهير الشريفة :

    (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (3) .

    وقد ثبت في محلّه أنّ هذه الآية لها دلالةٌ واضحةٌ على عصمة أهل البيت(عليهم السلام) ، تلك العصمة التي هي الشرط الأهمّ لزعامة وخلافة المسلمين . ولو أنّ أحداً ادّعى التحريف بشأن القرآن; فإنّه لا يستطيع أن يستدلّ بهذه الآية الشريفة على مسألة العصمة .

    إنّ الهدف الأصلي من هذه الآية الشريفة سيتّضح حينما نقبل بأنّ القرآن هو


    (1) فتح المنّان في نسخ القرآن: 224.
    (2) المحلّى بالآثار 12 : 175 ـ 178.
    (3) سورة الأحزاب 33 : 33 .
  • ۳۹۶

    صفحه 396

    كتاب منظّم يبتدأ بسورة الحمد المباركة ، وانتهى جمعه في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولم يحدث فيه أيّ حدث ، وأنّ كلّ آية موضوعة في الموقع المناسب لها، بحيث إذا وضعت في مكان آخر لم يتّهل مراد الله في هذه الآية الشريفة ، مراد الله تبارك وتعالى فيها هو أنّه مع بيان ما يجب على نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله) ذكر التكاليف الخاصّة لأهل بيت العصمة والطهارة(عليهم السلام)، وينبّههم بأنّ لهم واجبات خاصّة . على أيّ حال لو اُبدي احتمال التحريف في مثل هذه الآيات، فلا يبقى هناك من أساس لمعتقدات الإماميّة(1) .

    النكتة السابعة عشر : دراسة عامّة لروايات التحريف

    إنّ أهمّ دليل للقائلين بالتحريف هي الروايات التي ذكرها العامّة والخاصّة فيكتبهم ، وهذه الروايات طبقاً لإحصاء بعض المحقّقين هي في حدود 1122 حديثاً(2) ، وقد قبل بعض الأكابر والفحول التواتر الإجماليّ لهذه الروايات; بمعنى أنّه مع وجود الكثير منها ضعيفة من ناحية السند ، لكن كثرة الروايات بلغ حدّاً أدّى بالقطع بصدور بعض منها ولم يطرح احتمال كذب تمامها(3) .

    لقد استفاد القائلين بالتحريف من هذه الروايات أنّه حدث في موارد معيّنة بعض التحريفات والنقصان في هذا الكتاب الشريف .

    وفي مقام الجواب على هذه الروايات أشكل الأكابر من العلماء عليهم من جهتين(4) :


    (1) لتوضيح المطلب أكثر يراجع آية التطهير رؤية مبتكرة.
    (2) صيانة القرآن من التحريف: 239.
    (3) البيان في تفسير القرآن: 225.
    (4) البيان في تفسير القرآن: 225 ـ 234، آراء السيّد علي الفاني: 67 ـ 114.
  • ۳۹۷

    صفحه 397

    الجهة الاُولى : الإشكال من حيث السند، والكتب التي جُمعت فيها هذه الروايات .

    الجهة الثانية : الإشكال من حيث الدلالة ، ولابدّ أن نوضّح كلّ واحدة من هاتين الجهتين :

    أمّا توضيح الجهة الاُولى : لقد ورد أحمدبن محمّد السيّاري في سند كثير من هذه الروايات، وحسب تعبير الرجاليّين أنّه ضعيف الحديث، وفاسد المذهب، واتّهمه النجاشي بالغلوّ(1)، وعرّفه ابن الغضائري بأنّه ضعيف، متهالك، غال، محرّف(2) .

    ومن الأفراد المندرجين في سند هذه الروايات يونس بن ظبيان، والذي قيل في شأنه : ضعيف جدّاً، لا يلتفت إلى ما رواه، كلّ كتبه تخليط(3)، وعرّفه ابن الغضائري بأنّه غال ، كذّاب، وضّاع للحديث(4) .

    والفرد الثالث المذكور في سند هذه الروايات هو عليّ بن أحمد الكوفي، الذي عرّفه مؤلّفوا الرجال بأنّه غلا في آخر عمره ، وفسد مذهبه(5)، كذّاب، غال، صاحب بدعة(6) .

    ومنه يتّضح أنّ الأفراد الناقلين والمبيّنين لهذه الروايات هم من الضعفاء، وليس لرواياتهم اعتبار .

    وبالإضافة إلى أنّ الكتب التي وردت فيها هذه الروايات على الأغلب تخلوا


    (1) رجال النجاشي : 80 ، الرقم 192.
    (2) مجمع الرجال 1 : 149.
    (3) رجال النجاشي: 448 ، الرقم 1210.
    (4) خلاصة الأقوال: 419 ، الرقم 1701.
    (5) رجال النجاشي: 265، الرقم 691.
    (6) خلاصة الأقوال: 365 ، الرقم 1435 نقلاً من ابن الغضائري.

    صفحه 398

    من الاعتبار والحجّية :

    أ : فبعض هذه الروايات مأخوذ من رسالة منسوبة إلى سعدبن عبدالله الأشعري، وقد نُسبت هذه الرسالة إلى النعماني، وإلى السيّد المرتضى ، وبناءً عليه لم يتّضح صاحبها ، ولا أحدٌ من رجال العلم والحديث عدّها في عداد الاعتبار .

    ب : بعض هذه الأحاديث مأخوذ من كتاب سُلَيم بن قيس الهلالي ، وقال الشيخ المفيد حول هذا الكتاب : كتابٌ غير موثوق به ولا يجوز العمل على أكثره، وقد حصل فيه تخليط وتدليس ، فينبغي للمتديّن أن يجتنب العمل بكلّ ما فيه، ولايعوّل على جملته(1).

    ج : الكتاب الثالث هو كتاب التنزيل والتحريف أو كتاب القراءات ، ومؤلِّفه هو أحمدبن محمّد السيّاري ، وبيّنّا قبل قليل تضعيف الرجاليّين له .

    د : بعض هذه الروايات مأخوذ من تفسير أبي الجارود، وهو ملعون من قِبل الإمام الصادق (عليه السلام) (2) ، بالإضافة إلى ذلك فإنّ كُثَيربن عيّاش الضعيف(3) مذكور في سند هذا التفسير(4) .

    هـ : ومن تلك الكتب تفسير علي بن إبراهيم القمّي، وهو تلفيقٌ من إملاءاته على تلميذه أبي الفضل العبّاس بن محمّد العلوي، وهو أيضاً مخلوط مع تفسير أبي الجارود .

    و : إنّ أحد مصادر هذه الروايات هو كتاب الاستغاثة لعليّ بن أحمد الكوفي، الذي كذّبه إبن الغضائري واتّهمه بالغلوّ كما تقدّم .


    (1) تصحيح اعتقادات الإماميّة (سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد) 5: 150.
    (2) الفهرست لابن النديم: 226 ـ 227.
    (3) الفهرست للشيخ الطوسي: 131 ـ 132، الرقم 303.
    (4) تفسير القمّي 1: 102 ، 198 و 224.

    صفحه 399

    ز : بعض من هذه الأحاديث وردت في كتاب الاحتجاج للطبرسي ، وأغلب رواياته مرسلة ، ولا يمكن الاستدلال به بعنوان كتاب روائيّ .

    ح : أكثر هذه الروايات قد وردت في كتاب الكافي الشريف ، لكن مجرّد وجود رواية في كتاب لا يعني صحّتها وجواز العمل بها .

    وأمّا توضيح الجهة الثانية : فإنّ هذه الروايات لا تتمتّع بمضمون موحّد من حيث الدلالة ، وأنّها تنقسم إلى طوائف :

    الطائفة الاُولى : بعض هذه الروايات تعود إلى التحريف المعنوي، وهي خارجة عن محلّ النزاع .

    الطائفة الثانية : جزء من هذه الروايات تدلّ على اختلاف القراءة، وهي خارجة عن محلّ بحث التحريف .

    الطائفة الثالثة : الروايات التي وردت بمقام توضيح أو تفسير آية، حيث تصوّر البعض بأنّ ما وقع من كلمات بعنوان تفسير الآية هو في الواقع كان من متن القرآن الكريم ، كهذا الحديث الشريف : روى الكليني بإسناده عن موسى بن جعفر (عليهما السلام) في قوله ـ تعالى ـ : (أُو لَـئـِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِى أَنفُسِهِمْ قَوْلاَ بَلِيغًا) (1) ، أنّه (عليه السلام) تلا هذه الآية إلى قوله : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) ، وأضاف : «فقد سبقت عليهم كلمة الشقاء وسبق لهم العذاب» وتلا بقيّة الآية(2) .

    قال المحدّث النوري : فظاهر سياق الخبر أنّ هذه الزيادة من القرآن وليست تفسيراً (3) .


    (1) سورة النساء 4 : 63 .
    (2) الكافي 8 : 184 ح211 .
    (3) فصل الخطاب : ص252 .
  • ۴۰۰

    صفحه 400

    وقد صرّح العلاّمة المجلسي والآخرون بأنّ لهذه الجملة عنواناً تفسيريّاً(1) .

    الطائفة الرابعة : الروايات التي تدلّ على ذكر الاسم المبارك لأمير المؤمنين والأئمـّة المعصومين(عليهم السلام) في بعض من آيات الكتاب . وهذه الروايات في مقام التوضيح وتأويل الآيات الشريفة أيضاً ، ولا تدلّ على أنّ أسماء الأئمـّة حذفت من القرآن .

    الطائفة الخامسة : الروايات الدالّة على ذكر أسامي اُخرى من قريش في القرآن، وبأنّ المحرّفون حذفوها وأبقوا اسم أبي لهب فقط ، وقد ورد على هذه الروايات إشكالان :

    1 ـ وجود التناقض بين نفس هذه الروايات ; لأنّ في بعض منها قدّر عدد المحذوف بسبعين، وفي البعض الآخر سبعة .

    2 ـ إنّه بعد ملاحظة مضامين هذه الروايات يظهر شهادتها بالكذب ; إذ أيّ وجه لبقاء اسم أبي لهب محفوظاً من بين الأسماء ؟!

    الطائفة السادسة : الروايات الدالّة على أنّه بعد رحلة الرسول (صلى الله عليه وآله) تغيّرت بعض الكلمات وحلّت محلّها كلمات وألفاظ اُخرى . وبتعبير آخر تدلّ هذه الروايات على حدوث التحريف زيادةً ونقصاناً .

    وهذه الطائفة مخالفة مع الإجماع ; لأنّ المسلمين متّفقون في النظر بأنّه لم تُضف حتّى كلمةٌ واحدةٌ على القرآن(2) .

    الطائفة السابعة : الروايات الواردة بشأن الإمام الحجّة عجّل الله تعالى فرجه الشريف، والتي تلزم حضرته بقراءة مصحف عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي لديه .


    (1) مرآة العقول 26: 76 .
    (2) تقدّم في ص369 ـ 374.

۱۰۵,۸۸۳ الزيارة