-
۳۶۲
صفحه 362
المراد هو التحريف المعنوي . ومن هنا نلاحظ أنّ الراغب الاصفهاني قال في توضيحه لكلمة تحريف الكلام، لا خصوص لفظة «التحريف» : تحريف الكلامأن تجعله على حرف من الاحتمال يمكن حمله على الوجهين(1) .
يعني تحريف الكلام هو أن يحصل في الكلام تغيير يؤدّي إلى إمكانيّة حمل الكلام على وجهين .
ومن الواضح: أنّ الراغب لم يكن في مقام تبيين المعنى اللغوي لكلمة «التحريف»، وإنّما كان في مقام بيان المراد من تحريف الكلام الذي ورد في الآية الشريفة . ولقد ذكر الفخر الرازي تأويلات في بيان المراد من الآية الشريفة ، بعضها يلائم تحريف اللفظ ، لكن في النهاية اعتبر القول الصحيح في تفسير الآية هو التحريف المعنوي ، قال : إنّ المراد بالتحريف إلقاء الشبه الباطلة، والتأويلات الفاسدة، وصرف اللفظ عن معناه الحقّ إلى الباطل بوجوه الحيل اللفظيّة، كما يفعله أهل البدعة(2) .
النكتة الثانية : موارد استعمال لفط «التحريف» وأنواعه
ورد في كلمات المحقّقين، كالمحقّق الخوئي دعوى أنّ لفظ التحريف استعمل في معان ستّة مشتركة لفظاً ، وبعض هذه المعاني أجمع المسلمون على وقوعها في القرآن ، وبعضها لم يجمع على وقوعها ، وبعضها محلّ للخلاف .
الأوّل : التحريف بمعنى نقل شيء عن موضعه وتحويله إلى غيره، ومنه قوله ـ تعالى ـ : (مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ) (3).
(1) مفردات ألفاظ القرآن : 228 .
(2) التفسير الكبير للفخر الزاري 10 : 117 .
(3) سورة النساء 4 : 46. -
۳۶۳
صفحه 363
ولا خلاف بين المسلمين في وقوع مثل هذا التحريف في كتاب الله ; فإنّ كلّ من فسّر القرآن بغير حقيقته، وحمله على غير معناه فقد حرّفه. وترى كثيراً من أهل البدع والمذاهب الفاسدة قد حرّفوا القرآن بتأويلهم آياته على آرائهم وأهوائهم.
وقد ورد المنع عن التحريف بهذا المعنى، وذمّ فاعله في عدّة من الروايات:
منها: رواية الكافي بإسناده عن الباقر (عليه السلام) ، أنّه كتب في رسالته إلى سعد الخير: وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده، فهم يروونه ولايرعونه، والجهّال يعجبهم حفظهم للرواية ، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية...(1).
الثاني: النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات، مع حفظ القرآن وعدم ضياعه وإن لم يكن متميّزاً في الخارج عن غيره.
والتحريف بهذا المعنى واقع في القرآن قطعاً، فقد أثبتنا لك فيما تقدّم عدم تواتر القراءات(2)، ومعنى هذا أنّ القرآن المنزل إنّما هو مطابق لإحدى القراءات، وأمّا غيرها فهو إمّا زيادة في القرآن، وإمّا نقيصة فيه.
الثالث: النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين، مع التحفّظ على نفس القرآن المنزل.
والتحريف بهذا المعنى قد وقع في صدر الإسلام، وفي زمان الصحابة قطعاً، ويدلّنا على ذلك إجماع المسلمين على أنّ عثمان أحرق جملة من المصاحف، وأمر ولاته بحرق كلّ مصحف غير ما جمعه، وهذا يدلّ على أنّ هذه المصاحف كانت مخالفة لما جمعه، وإلاّ لم يكن هناك سبب موجب لإحراقها، وقد ضبط جماعة من العلماء موارد الاختلاف بين المصاحف، منهم: عبدالله بن أبي داود السجستاني، وقد سمّى كتابه هذا بكتاب المصاحف.
(1) الكافي 8 : 53 ، قطعة من ح16 ، وعنه الوافي 26 : 90 قطعة من ح25376.
(2) البيان في تفسير القرآن: 159 ـ 163.
صفحه 364
وعلى ذلك فالتحريف واقع لا محالة، إمّا من عثمان أو من كتّاب تلك المصاحف، ولكنّا سنبيّن بعد هذا إن شاء الله ـ تعالى ـ أنّ ما جمعه عثمان كان هو القرآن المعروف بين المسلمين، الذي تداولوه عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) يداً بيد. فالتحريف بالزيادة والنقيصة إنّما وقع في تلك المصاحف التي انقطعت بعد عهد عثمان، وأمّا القرآن الموجود فليس فيه زيادة ولا نقيصة.
وجملة القول: إنّ من يقول بعدم تواتر تلك المصاحف ـ كما هو الصحيح ـ فالتحريف بهذا المعنى وإن كان قد وقع عنده في الصدر الأوّل; إلاّ أنّه قد انقطع في زمان عثمان وانحصر المصحف بما ثبت تواتره عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) . وأمّا القائل بتواتر المصاحف بأجمعها، فلابدّ له من الالتزام بوقوع التحريف بالمعنى المتنازع فيه في القرآن المنزل، وبضياع شيء منه. وقد مرَّ عليك تصريح الطبري، وجماعة آخرين بإلغاء عثمان للحروف الستّة التي نزل بها القرآن، واقتصاره على حرف واحد(1).
الرابع: التحريف بالزيادة والنقيصة في الآية والسورة مع التحفّظ على القرآن المنزل، والتسالم على قراءة النبيّ (صلى الله عليه وآله) إيّاها.
والتحريف بهذا المعنى أيضاً واقع في القرآن قطعاً، فالبسملة مثلاً ممّا تسالم المسلمون على أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قرأها قبل كلّ سورة غير سورة التوبة، وقد وقع الخلاف في كونها من القرآن بين علماء السنّة، فاختار جمع منهم أنّها ليست من القرآن(2)، بل ذهبت المالكيّة إلى كراهة الإتيان بها قبل قراءة الفاتحة في الصلاة المفروضة، إلاّ إذا نوى به المصلّي الخروج من الخلاف، وذهب جماعة أُخرى إلى أنّ البسملة من القرآن.
وأمّا الشيعة، فهم متسالمون على جزئيّة البسملة من كلّ سورة غير سورة
(1) البيان في تفسير القرآن : 179 ـ 180.
(2) التفسير الكبير للفخر الرازي 1 : 172 ـ 178 ، روح المعاني 1 : 53 ، مجمع البيان 1: 21. -
۳۶۵
صفحه 365
التوبة(1)، واختار هذا القول جماعة من علماء السنّة أيضاً ، وستعرف تفصيل ذلك عند تفسيرنا سورة الفاتحة، وإذن فالقرآن المنزل من السماء قد وقع فيه التحريف يقيناً بالزيادة أو بالنقيصة.
الخامس: التحريف بالزيادة; بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بأيدينا ليس من الكلام المنزل.
والتحريف بهذا المعنى باطل بإجماع المسلمين، بل هو ممّا علم بطلانه بالضرورة.
السادس: التحريف بالنقيصة; بمعنى أنّ المصحف الذي بأيدينا لا يشتمل على جميع القرآن الذي نزل من السماء، فقد ضاع بعضه على الناس.
والتحريف بهذا المعنى هو الذي وقع فيه الخلاف فأثبته قوم ونفاه آخرون(2).
والحاصل : إنّ المعاني الأربعة الاُولى ـ من بين تلك المعاني الستّة ـ قد وقع جزماً ، والمعنى الخامس لم يقع بالإجماع ، والمعنى السادس هو محلّ للخلاف .
ونورد على كلام هذا المحقّق الكبير إشكالين :
الأوّل : أنّ التحقيق هو: أنّ ما ذكره من المعاني الستّة ليست معان متعدّدة استعُمل فيها لفظ التحريف ، بل للتحريف معنىً واحد فقط ، وهو ما بيّن في المعنى الأوّل ; يعني نقل الشيء عن موضعه . وأمّا البقيّة فهي مصاديق لذلك المعنى .
وبعبارة اُخرى: أنّ في جميع هذه الموارد نقل الشيء عن موضعه يكون موجوداً ، لكن هذا النقل إمّا يكون في المعنى، الذي يُعبّر عنه بالتحريف المعنوي ، وإمّا في اللفظ ، والقسم الثاني: إمّا بنحو تفصيليّ، وإمّا بنحو إجماليّ . وبعبارة اُخرى: إمّا حدوث زيادة معيّنة ، وإمّا حدوث نقيصة معيّنة ، أو حدوث زيادة أو نقيصة
(1) مجمع البيان 1 : 21 ، البيان في تفسير القرآن: 440 ـ 441 و 447.
(2) البيان في تفسير القرآن : 197 ـ 200.
صفحه 366
فيه إجمالاً ، وبناءً على ذلك أنّ ما ذُكر في كلام هذا المحقّق الجليل هو أفراد ومصاديق التحريف، وليست معان مختلفة استعمل فيها لفظ التحريف وبنحو الاشتراك اللفظي .
الإشكال الثاني : من لوازم مثل هذا التقسيم أنّ جميع أقسام التحريف لايصدق عليها عنوان الباطل ، وإلاّ فإنّ دخولها في هذا العنوان سيكون خلاف إطلاق الآية الشريفة : (لاَّ يَأْتِيهِ الْبَـطِـلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ) (1); لأنّ ظاهرها يدلّ على أن ليس للباطل من سبيل في الكتاب الشريف ، وبناءً على ذلك فيجب منع صدق عنوان التحريف في الموارد التي قيل بوقوعها بإجماع المسلمين ، مضافاً إلى عدم خلوّ ذلك من الإمكان بالنسبة إلى التحريف المعنوي .
ثمّ إنّه بعد مراجعة وملاحظة المعاني المختلفة للتحريف نتعرّض لأنواعه ; فإنّه يستفاد من كلمات أصحاب الفنّ أنّ للتحريف ستّة أنواع :
1 ـ التحريف اللفظي : المراد منه حدوث نقصان أو زيادة أو تغيير ونقل في اللفظ والكلمات .
2 ـ التحريف المعنوي : يعني تفسير الكلام بصورة غير صحيحة بالشكل الذي ليس للّفظ فيه ظهور ، ويسمّى هذا النوع أيضاً التفسير بالرأي ، وذمّت الروايات هذا النوع بشدّة . قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : مَن فسّر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار(2) .
3 ـ التحريف الموضعي : بمعنى تثبيت آية أو سورة على خلاف ترتيب النزول . وهذا النوع من التحريف نادر جدّاً في الآيات ; إذ جميع الآيات مرتّبة
(1) سورة فصّلت 41 : 42.
(2) المسند لابن حنبل 1 : 501 ح2069 ، وص 578 ح2429، سنن الترمذي 5 : 199 ح2955 و 2956، عوالي اللئالي 4 : 104 ح154 .
صفحه 367
ومثبّتة على حسب ترتيب النزول ، لكن بالنسبة للسور يمكن الادّعاء بأنّ جميع سور القرآن مثبّتة ـ على خلاف ترتيب النزول ـ حسب أمر الرسول (صلى الله عليه وآله) .
4 ـ التحريف القراءئي : قراءة كلمة على خلاف القراءة المعهودة لدى جمهور المسلمين ، مثل أكثر اجتهادات القرّاء في قراءاتهم .
5 ـ التحريف في اللهجة : أي اختلاف اللهجة بين القبائل ، حيث جعل كلاًّ منهم يقرأ الآيات الشريفة حسب لهجته .
6 ـ التحريف التبديلي : وهو القيام بتبديل كلمة باُخرى ; سواء كانت مرادفة لها أم لا ، وقد جوّز ابن مسعود هذا النوع من التحريف في المترادفات ، حيث قال : يمكن استعمال كلمة «حكيم» بدلاً عن لفظ «عليم»(1) .
النكتة الثالثة : التحريف الإجمالي والتفصيلي
ذكرنا فيما سبق أنّ التحريف إمّا أن يكون إجماليّاً، أو تفصيليّاً ، والذي يدخل في محلّ البحث والنزاع هو عبارة عن التحريف التفصيلي زيادةً أو نقصاناً بصورة معيّنة ، وهذا داخل في التحريف الذي هو محلّ النزاع والبحث .
أمّا التحريف الإجمالي; بمعنى إضافة شيء أو نقصان شيء إجمالاً ، فهو خارج عن محلّ النزاع ; من قبيل الاختلاف بشأن القراءات، أو الاختلاف في أنّ «بسم الله الرحمن الرحيم» هل هي من القرآن أم لا ؟ وقد أطلقنا عليه مسبقاً التحريف الإجمالي، فهو خارج عن محلّ النزاع ; لأنّ الملاك في التحريف في محلّ النزاع ـ سواء كان بصورة زيادة، أو بصورة نقصان ـ هو كون صورتيه خلافاً للواقع الحقيقي لكلام الله .
أمّا اختلاف القراءات، فليس هناك شكّ في أ نّ إحدى هذه القراءات مطابقة
(1) راجع جامع البيان 1 : 28 ـ 29 ح49 ، 50 ، 55 ، تفسير الصافي 1 : 39 ، البيان في تفسير القرآن: 179. -
۳۶۸
صفحه 368
مع القرآن الحقيقي ، وكذا الحال بالنسبة لمسألة «بسم الله الرحمن الرحيم» ; فإنّه ليس هناك شكّ بأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) كان يقرؤها في بداية كلّ سورة ، والاختلاف إنّما هو في جزئيّتها ، فالذين يعتقدون بالجزئيّة يقولون: هذا هو واقع القرآن ، والذين ينكرون الجزئيّة يعتقدون بأنّ واقع القرآن هو بدون هذه الآية ، وفي النتيجة كلا الطرفين لايحتمل كون قوله مخالفاً للواقع ، وإنّما لديهم الإجماع المركّب على أنّه كلام الوحي، وليس كلام البشر داخلاً فيه ، وكذلك بالنسبة إلى مسألة اختلاف القراءات .
وعليه: فإنّ موارد التحريف الإجمالي على الرغم من عدم تشخيص الواقع والكلام الحقيقي أو القراءة الحقيقيّة، خارجة عن محلّ النزاع، إنّما محلّ النزاع في التحريف الذي هو حذف لواقع القرآن، أو إضافة عليه من غير القرآن .
النكتة الرابعة : عدم كفاية الخبر الواحد لإثبات التحريف
كما أنّ إثبات آيات القرآن الشريفة يستلزم توفّر الدليل القطعي والعلمي، ولايمكن بمجرّد الخبر الواحد إثبات أنّ آيةً مّا هي من القرآن الشريف ، كذلك في مسألة التحريف ; فإنّ على الذين يدّعونه أيضاً أن يقيموا الدليل القطعيّ والعلميّ .
وبعبارة اُخرى: حيث لم نعتبر الخبر الواحد وأمثاله من الأدلّة الظنّية كافياً في الاعتقادات ، فبالنسبة لمسألة القرآن الذي هو أهمّ سند أيضاً كذلك ; لأنّ الخبر الواحد لايمكنه بأيّ وجه من الوجوه أن ينفي أو يثبت آية ، لذلك قال الشيخ الطوسي (قدس سره) في مقدّمة تفسير التبيان : رويت روايات كثيرة من جهة الخاصّة والعامّة بنقصان كثير من آي القرآن، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع، طريقها الآحاد التي لا توجب علماً ولا عملاً، والأولى الإعراض عنها وترك التشاغل بها; لأنّه
-
۳۶۹
صفحه 369
يمكن تأويلها(1). ومراده أنّ هذه المسألة هي من المسائل التي يكون العلم فيها معتبراً .
النكتة الخامسة : آراء أكابر الإماميّة حول التحريف
إنّ العظماء من المحقّقين وزعماء الإماميّة يعتقدون بعدم تحريف الكتاب الشريف، وأنّ القرآن اليوم هو ذات القرآن الذي نزل على القلب المبارك للرسول (صلى الله عليه وآله) ; دون أن يحصل فيه أيّ نقصان مثل ما لم تحدث فيه أيّة زيادة .
ونحن في هذه النكتة بصدد أن نطرح ونبيّن بالاختصار أقوال بعض منهم ممّن يعتبر من فحول الإماميّة، والتي تعدّ كتبهم محوراً ومداراً للآراء العلميّة والكلاميّة لهذا المذهب ، لكن قبل ذلك علينا أن نلتفت إلى أمرين :
الأوّل : في بعض كتب علوم القرآن نسب القول بالتحريف إلى مجموعة من الأخباريّين في مذهب الإماميّة(2)، نظير ما هو المنسوب إلى الحشويّة لدى أهل السنّة(3) .
ومن الملفت للنظر أنّ من بين الأخباريّين بعض كبارهم ـ مثل الشيخ الحرّ العاملي صاحب كتاب وسائل الشيعة ـ يعتقد بعدم تحريف الكتاب، وله رسالة مستقلّة حرّرها بهذا الشأن . إذن لا ملازمة بين الأخباريّة وبين القول بالتحريف .
الثاني : لا شكّ في أنّ مسألة عدم التحريف بالزيادة هي مورد إجماع علماء الإماميّة (4)، وفيما يتعلّق بعدم التحريف بالنقصان هناك عدد من الكبار ـ كالمقدّس
(1) التبيان في تفسير القرآن 1 : 3.
(2) البيان في تفسير القرآن : 201.
(3) مجمع البيان 1: 15.
(4) التبيان في تفسير القرآن 1 : 3 ، مجمع البيان 1 : 15 ، البيان في تفسير القرآن: 200 و 233. -
۳۷۰
صفحه 370
البغدادي في شرح الوافية(1) ، ومرجع الشيعة الكبير الشيخ جعفر كاشف الغطاء في كتاب كشف الغطاء ـ ادّعوا الإجماع أيضاً (2).
إذن يمكن الادّعاء بأنّ في كلمات علماء الإماميّة دعوى الإجماع على عدم تحريف الكتاب ; سواء التحريف بنحو الزيادة أو بنحو النقصان .
وإليك آراء ووجهات نظر أعاظم علماء الإماميّة :
1 ـ الفضل بن شاذان ، هو من مصنّفي الشيعة في القرن الثالث الهجري ; فإنّه بعد أن أنكر تحريف النقيصة بشأن القرآن ، نسب في كتاب الإيضاح نقل روايات التحريف إلى الفرق الاُخرى(3) .
2 ـ أبو جعفر محمّدبن علي بن بابويه القمّي، المعروف بالشيخ الصدوق ; وهو من أكبر الشخصيّات العلميّة لعالم التشيّع في القرن الرابع الهجري ، فقد كتب في رسالة الاعتقادات مايلي : اعتقادنا أنّ القرآن الذي أنزله الله ـ تعالى ـ على نبيّه محمّد (صلى الله عليه وآله) هو ما بين الدفّتين ـ وهو ما في أيدي الناس ـ ليس بأكثر من ذلك... ومن نسب إلينا أنّا نقول: إنّه أكثر من ذلك فهو كاذب (4).
إذن فالصدوق الذي هو من أكابر علماء الإماميّة، وله التبحّر الوافر في علوم الحديث والتاريخ، ينكر نسبة التحريف للإماميّة .
3 ـ عليّ بن حسين الموسوي المعروف بالسيّد المرتضى، وهو من أكابر الفقهاء والأُصوليّين، يقول في جواب مسائل الطرابلسيّات : إنّ العلم بصحّة نقل القرآن كالعلم بالبلدان، والحوادث الكبرى، والوقائع العظام ، والكتب المشهورة، وأشعار
(1) حكى عنه في آلاء الرحمن 1 : 65.
(2) كشف الغطاء 3 : 453.
(3) الإيضاح : 112 ـ 124.
(4) اعتقادات الصدوق، المطبوع مع سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد 5: 84 ب 33.