pic
pic
  • ۳۲۱

    صفحه 321

    والعميق لآيات الأحكام ، والاستدلال بها في أبعاد متنوّعة .

    وهنا لابدّ من الإشارة إلى ثلاثة مطالب :

    المطلب الأوّل : أنّ من الخصوصيّات المشاهدة في منهج استنباط النراقي (قدس سره) ـ ومن الضروري للفقهاء المحترمين الالتفات إليها ، ولها نتائج وآثار مهمّة في الفقه ـ هي: أنّ هناك عناوين كلّية مذكورة في الآيات الشريفة ، فلو ورد في رواية أو روايات مصاديق لتلك المفاهيم ، فهذا الأمر لا يستوجب أن يفقد ذلك المفهوم الكلّي كلّيّته ، وينحصر مفاده بالمصداق المذكور في الرواية .

    وبعبارة اُخرى : إنّ ذكر مصداق لمفهوم كلّي لا يستوجب أن يفقد ذلك المفهوم الكلّي معناه اللغويّ والعرفيّ في مقام الاستنباط ، وبالتالي يتحدّد بالمعنى اللغوي للمصداق ، مثلاً ما ورد في الآية الشريفة :

    {وَ مِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْم وَ يَتَّخِذَهَا هُزُوًا} (1) .

    فحسب ما ورد في بعض الروايات(2) الموجودة أنّ «لهو الحديث» قد فُسِّر بالغناء ، ولكنّ النراقي يقول في هذا المجال :

    إنّ تفسير «لهو الحديث» بالغناء لا يوجب الاكتفاء بمعنى «الغناء» لغةً وعرفاً من دون توجّه إلى معنى «لهو الحديث» كذلك، بل اللازم تفسير الغناء المحرّم مع ملاحظة مفهوم «لهو الحديث» أيضاً لغةً وعرفاً; أي نفتي بحرمة الغناء من حيث إنّه باطل ولهو عرفاً(3).

    في حين أنّ بعض الفقهاء(4) أفتى بحرمة مطلق الغناء في هذا المورد، وهذا إنّما


    (1) سورة لقمان 31: 6 .
    (2) وسائل الشيعة 17: 303 ـ 310، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب99.
    (3) مستند الشيعة: ج14 ص130 ـ 135 وج18 : 192 ـ 193.
    (4) المقنعة: 588 ، الكافي في الفقه: 281 ، السرائر 2 : 215 ، إرشاد الأذهان 1: 357.
    صفحه 322

    هو من جهة أنّه لم يأخذ بنظر الاعتبار هذه الخصوصيّة في معنى الغناء، والمفهوم اللغوي والعرفي من «لهو الحديث».

    الملاحظة الاُخرى في هذا المجال أنّ النراقي قد أخذها بعين الاعتبار، وهي: أنّ حرمة الغناء المأخوذة من هذه الآية ـ مضافاً إلى صدق عنوان «لهو الحديث» عليه ـ يجب أن يصدق عنوان (لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْم وَ يَتَّخِذَهَا هُزُوًا) أيضاً، ولا تدلّ الآية على حرمة غير ذلك، يقول النراقي (قدس سره) :

    ولا تدلّ على حرمة غير ذلك ممّا يتّخذ الرقيق القلب لذكر الجنّة، ويهيج الشوق إلى العالم الأعلى، وتأثير القرآن والدُّعاء في القلوب(1) .

    وعلى هذا الأساس يستفاد من منهج النراقي في عمليّة الاستدلال; بأنّه إذا كان هناك مفهوم في الآية الشريفة قد فسّر بمفهوم آخر، فنستنتج أنّ المفهوم الثاني ليس مفهوماً مستقلاًّ .

    أي أنّ «لهو الحديث» إذا تمّ تفسيره بالغناء ، نفهم بأنّ الغناء ليس حراماً مستقلاًّ ، بل في ظلّ مفهوم آخر هو «لهو الحديث»، ولابدّ من التحقيق في معناه ومفهومه .

    ونظير هذا المطلب ما ورد في الآية الكريمة : {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الاَْوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (2) .

    فقد فُسّرت كلمة «قول الزور» في بعض الروايات(3) بالغناء .

    ويرى النراقي (قدس سره) أنّ هذا الأمر يجب أن يتمّ مع حفظ المعنى اللغوي والعرفي من «قول الزور» ، وهو الباطل والكذب والتهمة ، وبما أنّ عنوان الباطل والكذب


    (1) مستند الشيعة 14: 134 ـ 135، وج18 : 193.
    (2) سورة الحجّ 22: 30 .
    (3) وسائل الشيعة 17: 303 ـ 310، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب99 ح2، 3، 5، 8 ، 9، 20 و26.
  • ۳۲۳

    صفحه 323

    لايصدق على قراءة القرآن، والأدعية، والمواعظ، والمراثي ، فلذلك لا يمكن اعتبارها من موارد الغناء .

    المطلب الثاني : يستند النراقي (قدس سره) في بعض المسائل الفقهيّة على القرآن الكريم، باعتباره الدليل الوحيد، أو العمدة في فتواه ، مثلاً في مسألة هل يجب الترتيب في أعمال منى الثلاثة ، أم لا ؟ يرى النراقي (قدس سره) عدم الوجوب ، وبعد مناقشة دلالة الروايات الموجودة يقول : بأنّ العمدة في الدليل هو قوله ـ تعالى ـ : {وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (1) . فرغم أنّ الآية المذكورة وإن دلّت على وجوب تأخير الحلق عن بلوغ الهدي محلّه ، إلاّ أنّ كون بلوغ الهدي محلّه هو الذبح غير معلوم(2) .

    المطلب الثالث : رغم أنّ القرآن الكريم يمكن حمله على معان كثيرة بخلاف بقيّة المتون الاُخرى ، إلاّ أنّ هذا لا يعني أنّه يمكن الاستدلال بجميع تلك المعاني . ويذكر النراقي (قدس سره) هذا المعنى في مستنده في مقابل صاحب الحدائق(3) ، حيث قال :

    وإمكان تفسير الآية بالأمرين ـ كما قيل ـ لكون القرآن دلولاً ذا وجوه فلاتعارض ، كلام خال عن التحصيل ; لأنّ المراد أنّه يمكن حمله على معان كثيرةلا أن يستدلّ بالجميع (4).

    3 ـ فقه الحديث، ومسألة الجمع بين الروايات

    من الاُمور المهمّة في منهج الاستنباط لدى الفقهاء ، هي الدقّة في مدلول


    (1) سورة البقرة 2: 196.
    (2) مستند الشيعة 12: 305.
    (3) الحدائق الناضرة 8 : 45.
    (4) مستند الشيعة 5: 32.
  • ۳۲۴

    صفحه 324

    الروايات، وفهم المراد والمقصود الواقعي منها ، ولاشكّ أنّ الكثير من الرواياتالموجودة في المصادر الفقهيّة، هي من نوع النقل بالمضمون ، ولا توجد الألفاظ التي تكلّم بها الإمام (عليه السلام) بعينها ، وهذا الأمر هو أحد الأسباب في التعارض الظاهري بين الروايات ، إلاّ أنّ بعض الفقهاء ذهبوا إلى أنّ العبارات الواردة في الروايات بمثابة النقل بالمعنى والمضمون ، فلا ينبغي التدقيق كثيراً فيها .

    في مقابل ذلك ، نرى أنّ بعض الفقهاء يتحرّكون في عمليّة الاستنباط، والمنهج الفقاهتي حول هذا المحور ، وهو: أنّه يجب التدقيق والتدبّر في تعبيرات وألفاظ هذه الروايات بعنوان أنّها حجّة على الفقيه ، ففي بعض الموارد يؤدّي التدقيق في المدلول إلى أن يزول التعارض الظاهري بين روايتين ، والكثير من أشكال الجمع العرفي مبتن على هذا الأساس .

    وعليه: فالإتقان في عمليّة الاجتهاد والاستنباط يدور مدار الفهم الدقيق للروايات، والتوجّه الصحيح لمدلولها ، ولأجل توضيح هذا الأمر أكثر ، نشير إلى عدّة خصائص مهمّة في هذا المجال :

    الأوّل : يجب على الفقيه في الموارد التي تكون فيها الرواية واضحة الدلالة اجتناب التأويلات الباردة، والحمل على المعنى النادر، والمخالف للظاهر ، وقد التفت إلى هذا الأمر النراقي في منهجه الاستنباطي بصورة جيّدة ، ففي مسألة هل يجوزللمرأة أن تحتلّ منصب القضاء ، أم لا ؟ روايات لها ظهور واضح في عدم جواز ذلك ، قد استند عليها في فتواه ، وأفتى بأنّ المرأة لا يمكنها أن تكون قاضية (1).

    الثاني : يجب على الفقيه استعمال الدقّة في تعامله مع الروايات ، وهل أنّ هذه الرواية في مقام إنشاء الحكم، أو الإخبار به ؟ فلو كانت في موقع الإخبار ، لا يمكن بأيّ وجه الاستناد عليها في مقام الاستدلال .


    (1) مستند الشيعة 17: 35 ـ 36.
  • ۳۲۵

    صفحه 325

    الثالث : يجب على الفقيه التدقيق والتدبّر في أنّه هل ورد الحديث الحكمي بعنوان القضيّة الحقيقيّة ، أو بعنوان القضيّة الخارجيّة ؟

    وفي هذه المسألة ـ وهي: أنّه هل يجب الذبح في منى أم لا ؟ ـ نرى أنّ النراقي (قدس سره) بعد أن يذكر الإجماع، والروايات الكثيرة، يشير إلى رواية تدلّ على أنّ هدي الإمام (عليه السلام) قد كان في غير منى ، وقال: إنّ هذه الرواية لا يمكن أن تكون معارضة للروايات الاُخر ; لأنّهاتحمل عنوان القضيّة الخاصّة و«القضيّة في واقعة» ، وأضاف :

    القضايا في الوقائع لا تفيد عموماً ولا إطلاقاً(1) ; أي أنّ القضيّة الخاصّةلا يكون لها عموم ولا إطلاق حتّى يمكن استنباط حكم كلّي منها .

    وأحد التوجيهات المذكورة للرواية الواردة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في شأن النساء ـ حيث قال : النساء نواقص العقول(2)ـ هو هذا المعنى ، يعني لعلّها كانت من قبيل القضيّة الخارجيّة ، فمن الطبيعي أن تكون محدودة بنساء في زمن خاصّ ، فلاتشمل جميع النساء إلى يوم القيامة على أساس من القضيّة ا لحقيقيّة ، رغم أنّ التعبير الوارد في ذيل هذه الرواية مبعّد لهذا المعنى .

    الرابع : أنّ الفقيه في الوقت الذي يكون ملزماً بالتمسّك بالدليل ، لايتمكّن في بعض الموارد من الجمود على ظاهر الروايات ، وهذه الخصوصيّة مشاهدة في منهج النراقي (قدس سره) في عدّة موارد :

    ففي مسألة: إذا أراد شخص أن يبيع في عقد واحد شيئاً بثمن نقداً، وبثمنآخر نسيئة ، فالمشهور قائل بالبطلان ، كالشيخ الطوسي (قدس سره) في المبسوط(3)،


    (1) مستند الشيعة 12: 302.
    (2) نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح: 105 ـ 106 ، الخطبة 80 ، وعنه وسائل الشيعة 2 : 344 ، كتاب الطهارة ، أبواب الحيض ب39 ح4.
    (3) المبسوط 2: 159.
  • ۳۲۶

    صفحه 326

    والحلبي(1) والحلّي(2) وابن زهرة(3) والفاضلين(4) والشهيدين (قدس سرهم) (5) ، والدليل على ذلك الجهالة الواقعيّة للثمن ، وفي هذا المورد ثلاث روايات(6) ، وقد جاء التعبير في اثنين منها النهي عن بيعين في بيع ، أو شرطين في بيع، مثلاً جاء في رواية سليمان : أنّه نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن سلف وبيع، وعن بيعين في بيع(7) .

    وقد فسّر بعض الفقهاء(8) هذا الكلام بهذا التفسير ، وهو: أنّ البائع عيّن في عقد واحد ثمن بضاعته للمشتري بثمن نقداً ، وثمن آخر نسيئة .

    النراقي (قدس سره) يناقش كلتا هاتين الروايتين ، ويجيب عنهما بأنّ هاتين الروايتين لم يرد فيهما عنواناً مطلقاً، أو كلّياً ، وبالتالي يلزم منه ارتكاب التجوّز في استعمال النهي أو في المنهيّ عنه .

    ويستنتج من ذلك أنّ الرواية مجملة، ولا يصحّ الاستدلال بها(9) .

    الخامس : من الاُمور التي ينفرد بها النراقي (قدس سره) ، وعلى الأقلّ أنّه الوحيد الذي صرّح بها ، هي أنّه لا يصحّ الاكتفاء في فهم الرواية بمواد الألفاظ، والتراكيب اللفظيّة المستعملة فيها ، بل يستفاد من بعض الاُمور الخارجة من الرواية كونها قرينة على المدلول .


    (1) الكافي في الفقه: 357.
    (2) السرائر 2: 240 و 287.
    (3) غنية النزوع: 213.
    (4) تذكرة الفقهاء 12: 156، نهاية الإحكام في معرفة الأحكام 2: 511، المختصر النافع: 205.
    (5) اللمعة الدمشقيّة : 74 ، الروضة البهيّة 3 : 514.
    (6) وسائل الشيعة 18 : 37 ـ 38 ، كتاب التجارة، أبواب أحكام العقود ب2 ح3 ـ 5.
    (7) تهذيب الأحكام 7 : 230 ح1005 ، وعنه وسائل الشيعة 18 : 38، كتاب التجارة ، أبواب أحكام العقود ب2 ح4 وص47 ب7 ح2.
    (8) المبسوط 2: 159 ، السرائر 2 : 240 ، غنية النزوع : 213 ، تذكرة الفقهاء 12: 156.
    (9) مستند الشيعة ج14 : 440 .
  • ۳۲۷

    صفحه 327

    مثلاً في مسألة كون أحد محرّمات الإحرام «لبس المخيط» ذهب إلى أنّ هذا العنوان ليس له دليل من الإجماع على أنّه بنحو كلّي ومطلق ، والروايات قاصرة من حيث الدلالة ، إلاّ أن يستفاد من الإجماع ليكون قرينة على المراد ، فقال :

    ولكنّ الكلّ قاصرة عن إفادة الحرمة; لمكان الجملة الخبريّة، أو المحتملة لها ، أو ما يحتمل أن يكون المفهوم فيه انتفاء الإباحة بالمعنى الأخصّ ، فالمناط فيها الإجماع ، إلاّ أن يجعل الإجماع قرينة على إرادة الحرمة ، وهو كذلك ، فتكون تلك الأخبار أيضاً مثبتة للحرمة(1) .

    فكما صرّح، جعل الإجماع قرينة على مدلول الرواية ، في حين أنّ الفقهاء الآخرين يرون أنّ الإجماع دليل مستقلّ على الحكم .

    السادس : من الاُمور التي تبيّن أنّ الفقيه متبحِّر في الفقه ، هي مسألة الجمع بين الروايات المختلفة في دلالتها ، وهذا المعنى يصدق بالنسبة للشيخ النراقي (قدس سره) ، مثلاً في مسألة الفصل بين العمرتين ومقداره ، هناك أربع طوائف من الروايات يبحثها النراقي (قدس سره) ، وأخيراً يصل إلى هذه النتيجة ، وهي: أنّه بالإمكان الإتيان بعمرة واحدة كلّ عشرة أيّام ، وقد ناقش النراقي (قدس سره) في بعض روايات الباب، بالرغم من صحّة سندها، ولم يقبلها لكونها شاذّة ، وردّ البعض الآخر لكونها موافقة للعامّة ، وأعمل نظره في دلالة الطائفة الثالثة(2) .

    وهكذا بالنسبة إلى محرّمات الإحرام ، فلا يرى مطلق لبس المخيط من المحرّمات ، بل اكتفى بما ورد في الروايات من عناوين ومصاديق، من قبيل القميص،والسروال والقباء والثوب المزرّر(3) .


    (1) مستند الشيعة 12 : 7 .
    (2) مستند الشيعة 11 : 161 ـ 164.
    (3) مستند الشيعة 12: 5 ـ 8 .
  • ۳۲۸

    صفحه 328

    في حين أنّه في باب صلاة المسافر، وفي شرائط القصر ، يتجاوز العناوين العشرة المذكورة في الروايات(1) لمن يتمّ صلاته، كالمكاري، والكريّ، والراعي، والاشتقاق، والملاّح، والبريد، والأعراب، والجابي، والأمير، والتاجر ; لأنّ الوارد في التعبير هو عبارة: «لأنّه عملهم»، وهذا بمثابة العلّة المنصوصة، رغم وجود اختلاف في مرجع الضمير فيها(2) .

    السابع : ينبغي للفقيه التدقيق والتدبّر في المضامين والتعابير الموجودة في الروايات ، ففي باب الغناء حول تقبيح وذمّ هذا العمل وردت عبارات كثيرة في الروايات، بحيث إنّ كثيراً من الفقهاء استنتج حرمة هذا العمل من عبارة واحدة، أو من مجموعها . مثلاً العبارة التي تقول بأنّ بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة،ولا تُجاب فيه الدعوة، ولا يدخله الملك(3) ، أو أنّه يورث النفاق(4) ، أو يُحشر صاحب الغناء يوم القيامة أعمى وأخرس وأبكم(5) ، أو أنّ الله يعرض عنه(6) ، أو أنّه يورث الفقر(7) . أمّا النراقي، فيرى أنّ هذه التعابير لا تدلّ على الحرمة ، بدليل أنّ مثل هذه العبارات وردت في المكروهات أيضاً(8) .


    (1) وسائل الشيعة 8 : 484 ـ 487 ، كتاب الصلاة ، أبواب صلاة المسافر ب11.
    (2) مستند الشيعة 8 : 273 ـ 277.
    (3) الكافي 6: 433 ح15 ، وعنه وسائل الشيعة 17: 303 ، كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ب99 ح1.
    (4) الخصال: 24 ح84 ، وعنه وسائل الشيعة 17 : 309 ، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب99 ح23.
    (5) جامع الأخبار: 433 ح1211 ، وعنه مستدرك الوسائل 13: 219، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب79 ح15176.
    (6) الكافي 6: 435 ح25 ، وص 433 ح16 ، وعنه وسائل الشيعة 17 : 306 و 307 ، كتاب التجارة، أبواب مايكتسب به ب99 ح12 و 16.
    (7) الخصال : 24 ح84 ، وعنه وسائل الشيعة 17 : 309 ، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب99 ح23، وفي مستدرك الوسائل 13: 213 ، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب78 ح10 عن لبّ اللباب مخطوط.
    (8) مستند الشيعة 14: 136 وج 18 : 194 ـ 195.

    صفحه 329

    4 ـ الاهتمام والعناية بالقواعد الفقهيّة

    من الاُمور التي لها تأثير كبير في الفقه بدون شكّ; هي القواعد الفقهيّة ، وهي مستقلّة عن علم الاُصول تماماً ، ولا مناقشة في أنّ جميع الفقهاء استعانوا في بحوثهم الفقهيّة ببعض القواعد ، ولكنّ المهمّ هنا هو المفهوم الذي يحمله الفقيه عن القاعدة الفقهيّة ، وتحليله عنها ، حيث إنّ هذا التحليل له تأثير هامّ على كيفيّة الاستنباط لدى الفقيه .

    إنّ النراقي (قدس سره) على خلاف مشهور الفقهاء(1) ـ الذين يستفيدون من قاعدة «على اليد» الحكم الوضعيّ في باب الضمان ـ يرى أنّها لا تدلّ على الحكم الوضعي بأيّ وجه ، بل تدلّ على الحكم التكليفي فقط ، وهو عبارة عن «وجوب الردّ» ; بمعنى: أنّ هذه القاعدة تدلّ أنّه لو كان لدى الإنسان مال لغيره حصل عليه من طريق غير مشروع ، وجب عليه إرجاعه إلى صاحبه(2) .

    ومن الواضح: أنّ هذه القاعدة تستخدم في كثير من الموارد في الفقه لإثبات الضمان ، ومع هذا التحليل والتفسير لا يبقى لها صلاحيّة للاستدلال بها على وجوب الضمان .

    النكتة الاُخرى في هذا الموضوع هي: أنّ بعض الفقهاء لهم رؤية محدودة بالنسبة لبعض القواعد الفقهيّة ، فيجرونها في بعض الموارد ، في حين أنّ نفس تلك القاعدة في نظر فقهاء آخرين تتّسع في دائرة شموليّتها واستيعابها ، مثلاً يلاحظ هذا المعنى في قاعدة «لا ضرر»، و«لا حرج» .

    فبالنسبة إلى لزوم الاستطاعة السربيّة ، يستعين النراقي (قدس سره) بقاعدة : «نفي العسر والحرج»، وقاعدة «لا ضرر»، مضافاً إلى الإجماع المحصّل والمنقول، والكثير


    (1) عوائد الأيّام: 315 ، العناوين: ج2 ص416ـ 418.
    (2) مستند الشيعة 14 : 294 ، عوائد الأيّام: 316 ـ 318.

    صفحه 330

    من الأخبار . ويقول : إذا لم يكن الحجّ ميسوراً على المكلّف، وكان يحتمل أن يبتلي في الطريق بالسارق أو العدوّ ، فهو غير مستطيع، طبقاً لقاعدة «لا حرج»، و«لاضرر»(1) .

    وهكذا في مسألة الاستطاعة ولزوم اعتبار الزاد في العودة إلى الوطن يقول النراقي (قدس سره) : بالرغم من أنّ ظاهر الكتاب والسنّة يقتضي عدم الاعتبار ، ولكن يمكن الحصول على هذه النتيجة ; وهي: أنّ هذا الأمر معتبر في الاستطاعة من خلال قاعدة «لا ضرر» و«لا حرج» . وينقل الاستدلال الذي أورده العلاّمة في «التذكرة» ، ويرى لزومه، حيث يقول : «لأنّ النفوس تطلب الأوطان»(2) .

    ويقول النراقي في ردّ هذا الاستدلال : إنّ الطلب إن كان بحدّ يشقّ معه الترك ، فكذلك ،وإلاّفلايوجب الاشتراط ،مع أنّ من الأشخاص من تساوى عنده البلاد(3) .

    فيلاحظ أنّ هذا الفقيه المرموق كيف يوسّع من دائرة تطبيق قاعدة«لا حرج» ، بحيث إنّه لو سُئل هذا الأمر من فقهاء هذا الزمان ، فلا أحد يرى تأثير حبّ الوطن وطلبه في المسائل الشرعيّة ، وحتّى في الفقه المعاصر نرى أنّه من الشائع هو: أنّ قاعدة «لا ضرر»، وقاعدة «لا حرج» لا يمكنهما إثبات حكم من الأحكام ، وإنّما يمكنهما رفع الحكم الموجود ، ولكنّنا من خلال ما ذهب إليه النراقي (قدس سره) في موارد مختلفة من الاستعانة بهذه القاعدة ، نرى أنّه لا يقول بالتفكيك بين هذين الأمرين .

    5 ـ الشهرة، والإجماع، وتأثيرهما في طريقة الاستنباط

    إنّ النظريّة المتناغمة مع المشهور أو الإجماع لها أهمّية خاصّة في نظر


    (1) مستند الشيعة 11 : 62 ـ 63.
    (2) تذكرة الفقهاء 7 : 53.
    (3) مستند الشيعة 11 : 26.

۱۰۵,۷۸۲ الزيارة