-
۳۱۲
صفحه 312
النراقيّين (قدس سرهما) ، بصدد بيان هذا الأمر بصورة إجماليّة ، وبديهيّ أنّ التحقيق المفصّل حول هذا الموضوع بحاجة إلى وقت أوسع وتتبّع أكثر . وسوف نقوم بدراسة موسّعة لهذا الموضوع بنحو كامل في وقت مناسب إن شاء الله .
لاشكّ في أنّ كلّ فقيه إنّما يروم العثور على الحكم الإلهي، واستنباط ما يراه نظر الشارع المقدّس ، ومنذ قديم الزمان وعلم أُصول الفقه ـ وهو بمثابة منطق علم الفقه ـ كان يمثِّل أداة ووسيلة في يد المجتهد يعينه في عمليّة الاجتهاد، وله تأثير بالغ فيها ، ولكن من الواضح أنّه مضافاً إلى علم الاُصول وعلم الفقه ، هناك شيء آخر نعبّر عنه بمنهج الاستنباط ، ورغم أنّ هذا العنوان له مفهوم عامّ قد يستوعب في دائرته علم أُصول الفقه أيضاً ، والاختلاف في المباني الاُصوليّة يوجب قطعاً الاختلاف في كيفيّة منهج الاستنباط .
ولكن لابدّ أن نعلم أنّ هناك اُموراً مهمّة أُخرى في منهج الاستنباط لها دور أساسيّ أيضاً، ولكنّها لم ترد ضمن مسائل اُصول الفقه ، ومع الأسف فهذا الموضوع لم يُبحث بصورة مستقلّة ومدوّنة لحدّ الآن .
ونحن في هذه المقالة المختصرة سنشير بشكل إجماليّ إلى بعض العناوين الدخيلة في هذا البحث . وطبيعيّ أنّه مع تحقيق وتدبّر أكثر في هذه المسألة سنعثر على عناوين اُخر أيضاً دخيلة في هذا الأمر .
1 ـ الاستفادة من المسائل، والقواعد الاُصوليّة في الفقه
إنّ أحد الأسئلة التي تدور في أذهان الفضلاء والمجتهدين ، هو : ما مقدار تأثير علم الاُصول في الفقه ؟ وأساساً هل يمكن أن تتحقّق عمليّة الاستنباط في الفقه من دون الاستفادة من علم الاُصول ، أم لا ؟
وفي مقام الجواب يمكن القول بأنّ تأثير علم الاُصول في الفقه غير قابل
-
۳۱۳
صفحه 313
للإنكار ، وبدون علم الاُصول يعجز الفقيه من الاستنباط والاجتهاد في الكثير من الموارد ، مثلاً لو لم نتمكّن من إثبات حجّية الظواهر في علم الاُصول ، فكيف يمكننا التوصّل إلى نتيجة مقبولة من كلّ هذه الآيات والروايات ؟
وعليه: فأصل تأثير علم الاُصول في علم الفقه غير قابل للإنكار ، ولكنّ البحث في أنّه هل جميع القواعد المذكورة الآن في علم الاُصول ضروريّة ونافعة في علم الفقه ، أو يمكن القول بأنّ الفقيه يمكنه الاستنباط في الفقه من دون الاستعانة ببعض القواعد الاُصوليّة ؟
وما يجدر ذكره هنا أنّه مع أنّ بعض الفقهاء من له اليد الطولى في الاُصول ، إلاّ أنّه رغم ذلك يتجنّب حدّ الإمكان من الاستعانة بها في الفقه ، ومن هؤلاء المرحوم المحقّق الحائري، والمرحوم المحقّق البروجردي (قدس سرهما) ، والمقصود هنا ليس أصل تأثير علم الاُصول ، بل إعماله واستخدام القواعد الاُصوليّة في عمليّة الاستنباط ، مثلاً في الموارد التي يفتي بها الفقهاء طبقاً لقاعدة «مقدّمة الواجب واجبة» بالوجوب الشرعي والمولوي للمقدّمة ، فهل يمكن إثبات وجوبها ولوازمها من طريق آخر، بدون الاستعانة بتلك القاعدة؟
هل هناك إمكانيّة للتوصّل إلى نتائج صحيحة وواقعيّة من دون الاستعانة بمسألة اجتماع الأمر والنهي ؟
هل هناك إمكانيّة على الاستنباط الصحيح من دون الاستعانة بقواعد باب العامّ والخاصّ ، أو الإطلاق والتقييد ؟
هل يمكننا التوصّل إلى نتائج فقهيّة صحيحة بدون الاستفادة الدقيقة لقواعد باب التعارض والتزاحم ؟
من الواضح: أنّنا لا يمكننا أن نحصل على جواب واحد وكامل لهذه الأسئلة ، بل لابدّ من التحقيق والتتبّع بدقّة، وفي كلّ مورد على حدة كيما نحصل على نتيجة
-
۳۱۴
صفحه 314
واضحة ومعتبرة ، إلاّ أنّ ما يمكننا إظهاره بشكل عامّ هو أنّه بالرغم من أنّ الضرورات الفقهيّة والمشكلات الموجودة في حقل الاجتهاد تعين الفقيه في الكشف عن الكثير من القواعد الاُصوليّة ، ولكن هذا لا يعني أنّه لا يوجد أيّ طريق آخر للاستنباط بدون تلك القواعد .
نحن نرى أنّ القدماء والمتقدِّمين في الفقه يلجؤون غالباً إلى العمل بظواهر الآيات والروايات المعتبرة ، وفي بعض الموارد يتمسّكون بالإجماع ، وقلّما نجد في كتبهم الاستفادة من القواعد المهمّة في الاُصول; من قبيل اجتماع الأمر والنهي، أو مسألة الترتّب، أو مباحث المفاهيم ، والحال أنّ الفقيه المعاصر يستخدم في مسائله وفروعاته قواعد أُصوليّة مهمّة جدّاً ، وحتّى ما نراه من التمسّك في الكثير من الإطلاقات بصورة شائعة في الكتب الفقهيّة في هذا الزمان، لم يكن موجوداً في كتب قدماء الفقهاء وإن كان هذا الأمر معلولاً لعدم وجود الموضوع في الأزمنة الماضية ، ولكن إلى أيّ مقدار كان الفقهاء الأقدمون منّا ملتزمين بهذه القواعد ؟
يمكن تقسيم الفقهاء إلى ثلاث طوائف :
الطائفة الاُولى : من كان لا يستعين في الفقه بالقواعد الاُصوليّة إلاّ نادراً ، ومن هذه الطائفة «الشيخ المفيد (قدس سره) »، والفقهاء الذين سبقوا الشيخ المفيد .
الطائفة الثانية : من كان يستعين في الفقه بالقواعد الاُصوليّة بالمقدار المتعارف والطبيعي .
الطائفة الثالثة : ومنهم الكثير من المتأخِّرين ; هم الذين استخدموا القواعد الاُصوليّة في عمليّة الاستنباط الفقهي أكثر من مورد الحاجة .
ويمكن أن نعدّ الملاّ أحمد النراقي (قدس سره) من الطائفة الثانية ، فهو ـ مع الأخذ بنظر الاعتبار بتبحّره ومهارته الكاملة في علم الاُصول ـ سعى حدّ الإمكان إلى تجنّب الاستعانة بالقواعد الاُصوليّة .
-
۳۱۵
صفحه 315
فمع مراجعة إجماليّة لكتاب المستند ، يحصل التصديق بهذه الحقيقة ، ففي المثال المعروف فيما لو كان للشخص مالٌ ، فإمّا يجب عليه صرفه في قضاء الدَّين وإبراء ذمّته ، أو في حجّة الإسلام ، وليس له مال يفي بكلا الأمرين ، فقد اختلف الفقهاء هنا على أقوال :
1 ـ جماعة منهم: كالمحقّق، والعلاّمة، والشهيد (قدس سرهم) (1) يرون أنّ الدَّين بصورة عامّة مانع من وجوب الحجّ ; سواء كان الدَّين حالاًّ ، أو مؤجّلاً ، وسواء كان الدَّين الحالّ يطالب به صاحبه، أم لا ، وسواء كان المؤجّل موثوق الأداء، أم لا ، فهذه الفئة من الفقهاء استدلّوا بظاهر بعض الروايات الواردة في الحجّ(2); التي تُوجب الحجّ على الموسر .
وذهبوا إلى أنّ المدين لا ينطبق عليه عنوان الموسر .
2 ـ ذهب جماعة اُخرى كالسيّد (قدس سره) في المدارك(3) إلى أنّ الدَّين الحالّ الذي يطالب به صاحبه هو المانع من وجوب الحجّ فقط . وأمّا غير الحالّ، أو غير المطالب به فلا يمنع من تحقّق الاستطاعة .
3 ـ فريق ثالث: كالفاضل الهندي في كشف اللثام(4) يرون أنّ الدَّين مانع إلاّ في صورة أن يكون الدَّين موسّعاً، بحيث يكون وقته أوسع من الحجّ .
4 ـ المرحوم النراقي في المستند(5) يقول بالتخيير في بعض الصور ، وذلك في المورد الذي يكون الدَّين فيه حالاًّ ، أو له مدّة، ولكنّه غير موسّع ، ففي هذه الصورة لا فرق بين المطالبة وعدم المطالبة .
(1) شرائع الإسلام 1: 226، إرشاد الأذهان 1: 310، الدروس الشرعيّة 1: 310.
(2) وسائل الشيعة 11: 33 ـ 39، كتاب الحجّ، أبواب وجوبه وشرائطه ب8 و 9.
(3) مدارك الأحكام 7: 43.
(4) كشف اللّثام 5: 98.
(5) مستند الشيعة 11: 42 ـ 48 . -
۳۱۶
صفحه 316
ودليله على هذا الفرق ما ذكره في المستند من أنّ المديون الذي له مال يسع أحد الأمرين من الحجّ والدَّين ، داخل في الخطابين : خطاب الحجّ ، وخطاب أداء الدَّين ، وإذ لا مرجّح في البين، فيكون مخيّراً بين الأمرين (1).
وأمّا في صورة أن يكون له مدّة، ويكون موسّعاً ، فيذهب النراقي (قدس سره) إلى تقديم الحجّ ، ودليله على ذلك صدق الاستطاعة ، والروايات(2) التي تدلّ بالصراحة على أنّ الحجّ واجب على الإنسان، حتّى في صورة أن يكون عليه دَين في الذمّة ، ثمّ يورد دليل من يرى في هذا الفرض عدم وجوب الحجّ، واستندوا في ذلك بعدم صدق الاستطاعة، أو ببعض الروايات ، ويناقشها جميعاً .
النتيجة : إنّ هذه الطوائف الأربعة من الفقهاء لم يخرجوا في منهجهم الاستدلالي عن هذا الأمر ; أي صدق الاستطاعة وعدمه ، وكذلك دلالة الروايات أو عدمها ، في حين أنّ بعض الأعاظم مثل السيّد الخوئي (قدس سره) في المعتمد(3) أدرج هذه المسألة بشكل عامّ في باب التزاحم وقواعدها ، وطرح مسألة متعيّن الأهمّية أو محتمل الأهمّية ، ثمّ ذهب إلى أنّ الدَّين حقّ الناس ، ومن الثابت أنّه أهمّ من حقّ الله ، فلذا يقدَّم الدَّين .
بل نسب إلى النراقي أنّه يقول بالتزاحم في بعض الصور ، في حين أنّه أوّلاً :لاتوجد أيّة عبارة في كلمات النراقي (قدس سره) بعنوان التزاحم ، وثانياً : أنّ مبنى النراقي (قدس سره) (4) القول بالتخيير في صورة التعارض، وعدم الترجيح ، ويحتمل أن يكون كذلك في هذا المورد ، فلا يكون ملتفتاً أصلاً إلى مرجّحات باب التزاحم، وهي
(1) مستند الشيعة 11: 43 ـ 48.
(2) وسائل الشيعة 11: 25 ـ 29 و ص 33 ـ 34، كتاب الحجّ، أبواب وجوبه وشرائطه ب6 و 8 ح1، 3و4.
(3) المعتمد في شرح العروة الوثقى (موسوعة الإمام الخوئي) 26: 95 ـ 96.
(4) مناهج الأحكام والاُصول: 317، عوائد الأيّام: 349 ـ 353.
صفحه 317
المستقلّة عن مرجّحات باب التعارض .
نعم ، طبقاً لنظريّة المتأخِّرين يمكن حمل كلماته على باب التزاحم ، ولكن لايوجد هناك شاهد واحد على أنّه أراد هذا المطلب ، بل إذا كان يقصد ذلك ، فينبغي أن يشير إلى مرجّحات باب التزاحم .
والغرض من نقل هذا المثال هو: أنّ الفقهاء الماضين منهم المرحوم النراقي لم يهتمّوا إطلاقاً في هذه المسألة بإعمال قواعد التزاحم ، بل تحرّكوا في حلّ المسألة من طريق آخر لا يرتبط بهذه المسألة الاُصوليّة ، والحال أنّ بعض الأعاظم من المتأخّرين عالجوا المسألة من الزاوية الاُصوليّة، وبإعمال القواعد الاُصوليّة .
أجل ، بعض الأعاظم والمحقّقين في الفقه، كالوالد المعظّم (قدس سره) بعد إثبات عدم تماميّة جميع الأدلّة ، ذكر المسألة في باب التزاحم ، فقال :
وقد انقدح من جميع ما ذكرنا في الروايات الظاهرة في تقدّم الحجّ على الدَّين، أنّها بين ما يكون معرضاً عنها، وما يكون مشتملاً على ضعف في السند، ومايكون غير ظاهرة في التقدّم مع المزاحمة . . . فلم يثبت إلى هنا تقدّم الدَّين على الحجّ ولا تقدّم الحجّ على الدَّين ، واللازم بعد ذلك ملاحظة المسألة من باب التزاحم(1) .
ونرى من اللازم هنا، وبمناسبة هذا البحث أن نشير إلى بعض القواعد الاُصوليّة الواردة في مستند الشيعة :
أ ـ يرى النراقي: أنّ مقدّمة الواجب واجبة ، وقد استدلّ بها في كثير من المسائل; مثلاً في مسألة وجوب تحصيل مقدّمات الحجّ قبل حلول موسم الحجّ، استعان بمقدّمة الواجب في الاستدلال(2) ، وحتّى أنّه يرى في بعض الموارد إبقاء المقدّمة واجباً ، فقال في كتاب الحجّ ـ تحت عنوان أنّه هل يجوز صرف المال الذي
(1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الحجّ 1: 135.
(2) مستند الشيعة 11 : 13 . -
۳۱۸
صفحه 318
صار الشخص على أساسه مستطيعاً في النكاح ؟ ـ :
ثمّ إنّ ما ذكروه من عدم جواز صرف المال في النكاح مبنيّ على ما نقول به من وجوب إبقاء مقدّمة الواجب كما يجب تحصيلها ، ولذا نقول بعدم جواز إهراق الماء المحتاج إليه للطهارة، والأكثر لم يذكروه(1) .
وهكذا في مسألة التفقّه في المعاملات، ومعرفة المعاملة الصحيحة من الفاسدة ، يرى النراقي (قدس سره) وجوب ذلك من باب المقدّمة ، ويرى استحباب التفقّه في كيفيّة التكسّب قبل الدخول في المعاملة(2) .
ب ـ ومن النظريّات الاُصوليّة للنراقي، المخالفة لكثير من المتأخِّرين من الاُصوليّين(3) ، أنّ الجملة الخبريّة لا تدلّ على الوجوب ، وقد كان لهذه النظريّة تأثير كبير في مجمل فتاواه ، ومن ذلك في لزوم، أو عدم لزوم الترتيب في الأعمال الثلاثة في منى .
فأكثر الروايات التي تدلّ على التقديم، لها صيغة الجملة الخبريّة ; من قبيل ماورد في رواية جميل : «تبدأ بمنى بالذبح قبل الحلق»(4)، ثمّ أضاف : بما أنّ في نظرنا أنّ الجملة الخبريّة لا تدلّ على الوجوب ، فلا يمكننا استخراج الوجوب من هذه الروايات(5) .
ج ـ لا يوافق النراقي (قدس سره) على القواعد التي أوردها القدماء في باب تعارض الأحوال ، مثل ما ورد في ترجيح المجاز في مسألة دوران الأمر بين التخصيص
(1) مستند الشيعة 11: 60.
(2) مستند الشيعة 14: 17.
(3) كفاية الاُصول: 92 ـ 93، درر الفوائد ، للحائري: 75، نهاية الأفكار 1: 180ـ 181.
(4) الكافي 4: 498 ح7، تهذيب الأحكام 5: 222 ح749، وعنهما وسائل الشيعة 14: 155، كتاب الحجّ، أبواب الذبح ب39 ح3.
(5) مستند الشيعة 12 : 305 . -
۳۱۹
صفحه 319
والمجاز ، أو في مسألة الدوران بين المجاز والاشتراك ، وترجيح المجاز فيها ، فالنراقي (قدس سره) في مثل هذه الموارد لا يرى جريان أيٍّ من القواعد المذكورة ، ولعلّ الآخوند الخراساني (قدس سره) في الكفاية(1) يرى هذا الرأي أيضاً، وتبع في ذلك النراقي (قدس سره) ، فقد قال : والحكم بأولويّة التخصيص عن التجوّز في الأمر مشكل(2) .
وبالطبع فقد صرّح في بعض مواضع كتابه المستند أنّ المجاز مرجوح بالنسبة إلى التخصيص(3) .
د ـ ومن النظريّات الاُخر للنراقي; عدم إمكان التجزّئ في الاجتهاد ، حيث يرى أنّه لو قلنا: إنّ الاجتهاد عبارة عن المَلَكة والقدرة النفسانيّة ، فلا يمكن قبول التجزّئ في الاجتهاد حينئذ(4) .
هـ ـ ومن الاُمور التي يصرّ عليها الآخوند الخراساني (قدس سره) في الكفاية(5) هو: أنّ وظيفة العرف تتحدّد في تشخيص المعاني والمفاهيم . وأمّا تطبيقها فمرتبط بالعقل ولايرتبط بالعرف .
والإمام الراحل (قدس سره) (6) خالف الآخوند (قدس سره) في هذا المطلب . ويستفاد من كلمات النراقي (قدس سره) في المستند أنّه كما يستفاد من العرف في مجال تشخيص المعاني والمفاهيم ، كذلك يستفاد منه في تطبيق وبيان المصاديق أيضاً ، حيث قال :
والألفاظ تحمل على المصداقات العرفيّة(7) .
(1) كفاية الأصول: 35.
(2) مستند الشيعة 11: 72.
(3) مستند الشيعة 16: 232.
(4) مستند الشيعة 17: 29.
(5) كفاية الاُصول: 77.
(6) تهذيب الاُصول 1: 180.
(7) مستند الشيعة 12: 70. -
۳۲۰
صفحه 320
و ـ يستفاد من مجموع كلمات النراقي (قدس سره) أنّه يرى حجّية مفهوم الشرط والغاية من بين المفاهيم . وأمّا مفهوم العدد أو الوصف فلا يراه حجّة ، ويقول : دلّت بمفهوم الشرط على حرمة النظر إذا لم يرد تزوّجها(1) .
ويقول في مكان آخر : والرابع بأنّ المفهوم إمّا عدديّ، أو وصفيّ ، وشيء منهما ليس بحجّة(2) .
2 ـ الاستفادة من آيات الأحكام في الفقه
من الاُمور الأساسيّة والمهمّة جدّاً هو أن يكون الفقيه مسلّطاً ومحيطاً بمفاهيم القرآن الكريم وآياته الشريفة قبل مراجعة أيّ مرجع ومصدر للأحكام الشرعيّة ، حيث إنّ فهم آيات الأحكام تعين الفقيه كثيراً في التوصّل إلى الواقع، والتعرّف على الأوامر الإلهيّة ، ويلاحظ في بعض الكتب الفقهيّة; أنّها قبل الورود في دائرة الأدلّة وذكر الأقوال تقوم بالتحقيق في مدلول الآيات المربوطة بذلك الباب ، ومن الواضح أنّه كلّما كان الفقيه متبحِّراً ومتعمِّقاً في آيات الأحكام ; فإنّ طريق الاستنباط سيضحى سهلاً وميسوراً عليه .
ومن جهة أُخرى: فإنّه كلّما لم يهتمّ الفقيه بهذا المنبع الفقهي والاجتهادي ، تباعد عنه التوصّل إلى الحكم الشرعي، وكان مسيره في عمليّة الاستنباط أبطأ .
ومع ملاحظة هذا الأمر ; وهو: أنّ الأخباريّين لايرون حجّية ظواهر الآيات القرآنيّة ، ويرون كفاية الروايات في عمليّة الاستنباط ; فإنّهم يعجزون أبداً عن إيجاد الحلول، والإجابة على المشكلات الفقهيّة ، وبذلك يكون لديهم فقه جامد ومتحجِّر ، ولكن من خصوصيّات النراقي (قدس سره) في كتاب «المستند» توجّهه الخاصّ
(1) مستند الشيعة 16: 31.
(2) مستند الشيعة 16: 76.