-
۳۱
العاجز معذور في ترك الامتثال، وهو ما ذهب إليه السيّد الإمام الخميني والسيّد الخوئي (قدس سرهما)... فيكون العجز عن الجزء مساوقاً للعجز عن المركب، فيكون معذوراً في ترك الامتثال.
وبعبارة اُخرى، الوجوب الواحد في المركب يسقط بتعذّر جزء من الأجزاء، فإذا تعذّر أحد الأجزاء يسقط الوجوب عن الباقي بمقتضى القاعدة الأوّلية، نعم قد يدلّ الدليل الخاص على بقاء الوجوب في الباقي كما في باب الصلاة.
إن قلت: قد حقّق في محلّه أنّ الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور، فإذا كان بعض أفراد الطبيعة المأمور بها مقدوراً ولكن بعضها الآخر غير مقدور يصحّ التكليف بالطبيعة من هذه الجهة.
قلت: نعم، ولكن هذا الكلام إنّما يجري في الكلّي والفرد لا في الكلّ والجزء، والكلام هنا إنّما هو في الثاني، فإنّ العاجز عن الجزء يكون ـ قهراً ـ عاجزاً عن الكلّ، فتدبّر.
إن قلت: لا ملازمة بين عدم وجوب الحجّ وعدم صحّة الإحرام، فيمكن أن يقال بصحّة إحرامه دون وجوب الحجّ
-
۳۲
عليه، والخروج من الإحرام له أسباب يمكن الإتيان بها، ولم يشترط أحد في صحّة الإحرام إمكان الإتيان ببقيّة الأجزاء في الحجّ.
قلت: إنّ الإحرام أيضاً من أجزاء الحجّ، فبعد عدم القدرة على جزء من أجزائه تكون بقيّة الأجزاء في حكم غير المقدور، ولا أقلّ لا تكون مشمولةً للطلب المتوجّه إلى المركب، والمفروض عدم المطلوبية الاستقلالية لكلّ من الأجزاء فلايصحّ الإحرام أيضاً.
وبهذا ظهر ممّا أسلفناه أنّ العاجز عن الطواف الصحيح المشروع مع عدم إمكان الاستنابة أيضاً يسقط عنه الوجوب، فلا يجب عليه الحجّ كما لا يصحّ منه الإحرام.
نعم، لا يخفى أنّ القدرة على العمل كافية ولو من طريق الاستنابة، فإنّ القادر على الاستنابة في العمل الذي يقبل النيابة قادر على العمل أيضاً، وعلى هذا يتّضح أنّه لو لم يكن الحاج قادراً على الطواف والسعي مثلاً لكنّه كان قادراً على الاستنابة فيهما وعلى المباشرة في الصلاة والتقصير لكان إحرامه وعمرته صحيحين.
-
۳۳
خلاصة البحث ونتيجة الدراسة
1 ـ أنّه بناءً على جواز الإضافة في جهة الارتفاع إلى البيت.
2 ـ وبناءً على عدم شمول النهي الوارد في الروايات عن البناء فوق الكعبة للأبنية المتعلِّقة بالمسجد.
3 ـ وبناءً على عدم اختصاص التوسعة ـ علواً وسفلاً ـ بالاستقبال، بل تجري في الطواف أيضاً بمقتضى إطلاق الرواية المرسلة الواردة في المقام أوّلاً، وانضمام الروايات الدالّة على أنّ البيت قبلة من جهة الفوق ثانياً، فإنّ الانضمام يدلّ على التوسعة من جهة الفوق أيضاً، ومن جهة الصدق العرفي كالاستقبال ثالثاً، ووحدة السياق والتعبير في أدلّة الطواف وأدلّة القبلة من جهة أنّ الملاك فيهما هو البيت رابعاً.
4 ـ وبناءً على عدم وجود حدّ للمطاف.
نستنتج صحّة الطواف من الطابق الأوّل وإن كان أعلى من البيت، وهو المستفاد أيضاً من كلمات صاحب الجواهر.
كما نستنتج ـ مع قطع النظر عن التوسعة ـ صحّة الطواف وإن كان أعلى من البيت بمقدار متر أو مترين، فإنّ هذا
-
۳۴
المقدار لا يضرّ في صدق الطواف عرفاً حول البيت، والله العالم.
وبما أنّ هذا البحث جديد، ولم أرَ من تعرّض له سابقاً حتّى بنحو الإشارة، احتاج ـ طبعاً ـ إلى دقّة كثيرة، وعلى المحقّقين والفقهاء أن يبحثوا حوله وينظروا إلى ما قلناه نظراً جامعاً وافياً.